عبد الرحمن بن محمد السدحان
كتبت مرةً عن مسألة (الموظف نهَاراً.. والتاجر ليْلاً) ولم أعْنِ بذلك الحديث زيْداً بعينه أو عَمْراً، بل كُنتُ أمارس تأملاً مفتوحاً حول مبْدأ أنّ الوظيفة الحكومية ولايةٌ عامة، لا يجوزُ أنْ تُخلطَ أوراقُها مع ما قد يتناقضُ معها أو يصادر منها عفةَ الفضيلة، وسيلةً أو غَايةً! فالوظيفة العامة شيء، والتجارة شيءٌ آخر، وإنْ تقاسمتا بعضَ السمات، والجمْعُ بينهما ثنائيةٌ عَسِرة، يشْقَى بها العقل، ويقلق لها الوجدان، وتستفزُّ شهوةُ الحديث عنها لغوَ الكلام!
* * *
من جانب آخر، لم يبخلْ نظام الخدمة المدنية على الموظف العام بمرونة الحركة خارج سِرب الوظيفة، متىَ شَعَر بالرغبة في (التغيير) وتجديد خلايا أدائه، انتقالاً مؤقتاً إلى القطاع الخاص، فمنحه فرصة (الإعارة) لمدة أو مدد يصل مجموعها خمسَ سنواتٍ محسوبةً لأغراضِ التقاعد، شريطةَ تسديدَ ما يقابل الـ(9 %) شهرياً لصندوق التقاعد المدني، ثم له الخيار بعد ذلك في العودةِ إلى عمَله الحكومي أو التفرُّغُ للعمل في القطاع الخاص.. وخمسُ سنوات فترةٌ كافيةٌ يَسْتطيعُ الموظَّف (المعار) خلالها أن (يقرَّر مصيَره)، فإمَّا عزف عن الوظيفة الحكومية عزوفاً نهائياً لصالح العمل الخاص أو العكس!
* * *
لكن أن تكونَ الوظيفة الحُكوميّةُ لدى أحدِهم بمثابة (أمّ العِيَال) تُمضي السنينَ ترقُب عودتَه في الوقت الذي (يُخلِصُ) فيه القلبَ والعقل لـ(الأُخْرى) فأمْرٌ محْفُوفٌ بقَدرٍ غير هَيّنٍ من المحَاذِير والشُّبهَات!!
* * *
قبل الوداع: كلمات عن الفتاة السعودية
سألني سائلٌ: كيف ترى مُسْتقبلَ الفتَاة السُّعودّية؟ فقُلتُ: أرّاهُ يتَجدّدُ كمَا الشَّمسِ إشراقاً ودفْئاً، وكما الرَّبيع.. تأَلُّقاً وحُسْناً وإبْداعاً!
* * *
لكنني في الوقت ذاته لا أستطيع أنْ أكْتمَ شيئاً من قلق من أنْ تُهَّمَشَ فتاتُنا العزيزة، عَبْر مَسِيرتها اللاَّهثة نحوَ الغد الموْعُود، القدرةَ على التَّمييز بين ما لهَا من حقّ، ومَا عليها من واجب، وما تضمره هيَ من آمال وطموحاتٍ ترتيباً على هَذا أو ذَاك! وتكون النتيجةُ.. أن تختلطَ في ذهِنها بعضُ القيم والأدْوار.. وسَطَ مبَاهج التّحضير لقَافلةِ الغَد، وقد تسْتسْلمُ في النهَّاية لحَيْرةٍ تفْقدُهَا موهبةَ الاختيار.. بين آليةِ الممكن ومثاليّةِ المستحيل!