رقية سليمان الهويريني
بدأ أول عرض لمسلسل (طاش ما طاش) الكوميدي في رمضان عام 1992م، من بطولة ناصر القصبي وعبد الله السدحان وإخراج عامر الحمود. وقد أخذ اسمه من لعبة شبابية حماسية يتم فيها رج زجاجة مشروب غازي، ومن ثم يسأل أحد الشباب صديقه «طاش أو ما طاش» ويقصد أنه عند فتح الزجاجة هل يفور المشروب ويطيش أم لا ؟ فيختار الآخر إحداها، ويتم فتح الزجاجة ويكون الفائز من يصح توقعه!
وكانت تلك اللعبة حديثة عهد بالممارسة آنذاك فلم ينسها جيل الستينات والسبعينات. وربما كان الاسم مستمداً من إمكانية نجاح المعالجة الاجتماعية بأسلوب كوميدي من عدمها، وقد أحدث المسلسل ردود فعل متباينة أثناء عرضه كونه قام بمعالجة قضايا المجتمع السعودي الحساسة بإطار كوميدي ساخر. وكان حديث الشارع السعودي في شهر رمضان من كل عام، فلا يكاد يمر يوم إلا وقد فتحت مجالس السهرات حديثاً تحليلياً يخص الحلقة المعروضة! حيث كان المسلسل جريئاً وتناول ما يمكن تسميته تجاوزاً ثوابت دينية وهي بالأصل معتقدات وعادات اجتماعية فحسب. فبعض المتشددين يعتقدون بأنّ طاش قد تجاوز الخطوط الحمراء، وأنه ينتقد أشخاصاً بعينهم؛ برغم أنه تطرق لتجاوزات رجال المرور والدفاع المدني والوزارات والهيئات الحكومية، وكثيرٍ من التصرفات السلبية الاجتماعية، والبعض يرى أنه ليس سوى جلدٍ للذات دون نتائج.
والحق أن طاش تحول إلى أيقونة رمضانية هامة ينتظرها الناس في الفترة الذهبية، ولكنه توقف بعد أن شعر القائمون عليه بأنه ليس ثمة جديد يمكن تقديمه، وفضلوا الاحتفاظ بنكهة النجاح التي حققوها، برغم أن الموضوعات الاجتماعية لا تنتهي أبداً.
افترق نجما المسلسل لينفرد الفنان ناصر القصبي ببطولة مسلسل (سيلفي) وبنفس فكرة طاش النقدية ولكنها حديثة المسمّى، حيث (سيلفي) مفردة جديدة ظهرت مع بزوغ الأجهزة الذكية وجميع أفراد هذا الجيل يعرفونها ويمارسونها.
الجميل في المسلسل الرمضاني الجديد أنه أصبح أكثر عمقاً في تناوله للظواهر الاجتماعية وليست المشكلات العابرة، واستفاد كثيراً من قنوات التواصل الاجتماعي في إمداده بجوانب الفكرة المطروحة وجميع التفاصيل، وهو ما يجب أن يدركه القائمون على سيلفي بأن هذا الجيل أكثر وعياً وانفتاحاً وشجاعة. لذا ينبغي أن تكون الفكرة نوعية وتوزيع الأدوار دقيقاً، والإخراج احترافياً!