سعود عبدالعزيز الجنيدل
لا يخفى على الغيور على اللغة العربية الهوان الذي اعتراها، لا بسببها بل بسببنا، نعم نحن المسؤولين عن هذا الهوان والضعف الذي تعانيه لغتنا العربية.
ويمكن القول إنه ضعف عام تجده واضحاً وضوح الشمس في رابعة النهار في وسائل التواصل سواء أكانت مقروءة أم مسموعة، وفي جميع المراحل الدراسية، بدءًا من المرحلة الابتدائية وصولا لخريجي الكليات، فتجد أغلب المخرجات ليست بالمستوى المطلوب، وما اختبار المعلمين والمعلمات (في المركز الوطني للقياس) إلا خير دليل على هذا الوضع القائم.
وعلى المستوى الشخصي، جاءني نقد لاذع من أحد الزملاء لكوني أكتب كلاماً لا أقول فصيحاً، ولكنه لا يعد من العامية المبتذلة، مع مراعاتي للنحو والإملاء، وكوني أيضاً أصحح الأخطاء الإملائية التي يقع فيها الزملاء في أثناء رسائلهم في البرنامج الشهير» الواتس أب»!.
وحجته في ذلك أنّ العامية هي التي نمارسها، فلا يوجد داعٍ لمحاولة الارتقاء باللغة، وكما تعرف - كما قال لي - إن البلاغة مراعاة مقتضى الحال.
وبصراحة حزنت كثيراً، ليس على حالي، بل على حال اللغة العربية، حتى في هذه الوسيلة التي يمكن أن تعيدنا إلى هذه اللغة العظيمة، لكي نبحر في محيطها وأنهارها، ونغرف من معينها، وإذا كنا في أرضها الواسعة المترامية الأطراف، دخلنا بساتينها الخضراء الغناء، وقطفنا من ثمارها أشهى الثمار.
لنحصل على:
- رسالة جميلة تحوي معلومات عنها.
- كلمات أدبية، بلاغية تثري قاموس مفرداتنا.
- أبيات شعر تقطر الحكمة منها.
- أمثال ضربتها العرب.
وهلم جرا..
ولكن زميلي نسف هذا الفكرة، وقبله الواقع الذي يدل على ذلك، وكنت أحاول مخادعا نفسي أن أذر الرماد على عيوني، لكي لا ترى الواقع المرير، ولكن هيهات تنطلي هذه الحيلة.
كنت في ندوة للغة العربية أقيمت قبل سنوات مضت، في جامعة الملك سعود، على شرف الدكتور حسن الشافعي، رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة... قال في جزء من كلمته التي ألقاها:
انه مسرور لعدم رؤيته تشويها ظاهرا للغة في الطريق من المطار إلى الجامعة، فالإعلانات، واللوحات، والإشارات المرورية، مكتوبة بشكل جيد، ليس كما عندهم.
لعلي لا أكون الوحيد الغيور على هذه اللغة - مع إيماني الجازم بضرورة تعلم لغة واحدة حية منذ الصغر كالإنجليزية مثلا، وأصدع بهذا الرأي في كل منبر - .
أما بالنسبة للغة، فلعل حالها يتمثل بقول حافظ:
فلا تكلوني للزمان فإنني
أخاف عليكم أن تحين وفاتي
فإذا حانت وفاتها - كما يدل على ذلك واقعكم - فدعوها تموت بسلام ولا تحسدوها! فلسان حالها يقول:
إن يحسدوني على موتي فوا أسفي
حتى على الموت لا أخلو من الحسد
إلى اللقاء