سعود عبدالعزيز الجنيدل
أتعجب كثيراً من حال بعض الأشخاص، ويحق لي أن أتعجب، فالمتأمل لحاله والمستمع لكلامه يدرك السبب الذي جعلني أتعجب، يدور في كثير من مجالس هذه الأيام نقاشات كثيرة، نقاشات في مواضيع مختلفة، منها ما يتعلق بالسياسة، ومنها ما يتعلق بالرياضة.
لا يهمني كثيرا نوع الموضوع المطروح للنقاش بقدر ما يهمني بعض الأشخاص، أرى نوعية من الأشخاص يعتقد نفسه فاهما في كل شيء يطرح، فتجده يناقش هذا، ويجادل ذاك، وينتقد فلانا، ويحكم على رأي فلان، وهو في حقيقة الأمر» لايرى أبعد من أرنبة أنفه», والعرب تقول هذه المقولة» لا يرى أبعد من أرنبة أنفه» كناية عن قصر نظر الشخص للموضوع المطروح، فالمسافة بين العين وأرنبة الأنف قريبة جدا، ولذلك ضربت العرب هذا المثل لمن ينظر للأمر نظرة سطحية، لدرجة أنه لا يسبر غوره، مكتفيا بالطفو فوق السطح، والمشكلة تكمن -من وجهة نظري- في جهل الشخص، والجهل بأنه جاهل، ولذلك خرج مصطلح» الجهل المركب»، وهو جهل متقدم يختلف عن الجهل البسيط، فالجهل البسيط، واضح من خلال اسمه، فهو جهل بمسألة ما، والاعتراف بذلك، ولا ننسى أن الاعتراف بالحق فضيلة، ولكن الجهل المركب، وكما يتضح من اسمه أنه مركب؛ ويعني إن صاحبه قد جمع بين خصلتين؛ خصلة الجهل، وخصلة الجهل أنه يجهل.
قال الشاعر:
قال حمار الحكيم توما
لو أنصفوني لكنت أركب
لأنني جاهل بسيط
وصاحبي جاهل مركب
والمعنى عند حمار الحكيم.
أخيراً:
استمع جيدا حين تكون في مجلس ما، وسترى شخصا على الأقل لا يكاد ينظر أبعد من أرنبة أنفه، فتجده يبحر في كل المواضيع، ويحاول جاهدا ألا يترك شاردة ولا واردة، إلا وعلّق عليها، ووضع بصمته عليها، وهو بذلك يعتقد أنه قد أجاد، ووفق، ويشعر أن من حوله يقدر ذلك، وقد يعتقد أنهم يرونه رجلا موسوعيا، ويغبطونه على ذلك، ولكن الويل لك كل الويل, لو قلت له أنت مخطئ, فهذا الشخص وأمثاله من:
«الخنفشاريين»!!
إلى اللقاء