جاسر عبدالعزيز الجاسر
قبل أن يترك منصبه يصر السيد بان كي مون على ترك انطباع سيئ لإدارته منظمة الأمم المتحدة؛ إذ واصل ارتكاب سلسلة من التجاوزات التي تتعارض مع فلسفة المنظمة كحامية للسلم العالمي ومراقبة للعلاقات الدولية السوية؛ فالسيد مون الذي يفترض أن يكون عالماً بما أصدرته المنظمة من قرارات، وبالذات التي تهدف إلى وقف الظلم وإنهاء احتلال القوى الغاشمة للشعوب المضطهدة، نراه في أيامه الأخيرة يدعم الاحتلال ويغض النظر عن تجاوزاته، بل وحتى يتجنب ذكر الاحتلال أصلاً.
السيد مون الذي أضاف مكتبه -بناء على توجيه منه شخصياً- اسم التحالف العربي إلى قائمة الأمين العام لما يسمى بـ(اللائحة السوداء) للبلدان التي تنتهك حقوق الطفل لم يقم بذلك اعتباطاً، بل هو عمل مقصود إرضاءً لجهات لم تعد خافية على من يعمل في أروقة الأمم المتحدة، فالأمين العام الذي يعرف أنه لن يبقى حتى نهاية العام يسعى لإرضاء جهات دولية معينة، ضارباً بعرض الحائط قيم ومبادئ المنظمة الأممية، فهذا الأمين المغادر لم يكن أميناً في الحفاظ على نزاهة وحيادية المنظمة التي يشرف على سكرتاريتها، وبالذات في تعامله مع القضايا العربية؛ فبالإضافة إلى وقوفه دائماً مع الأطراف المعادية للعرب سواء في تجاوزات نظام ملالي إيران في منطقة الخليج العربي، ومعاكساته للمغرب في قضية الصحراء المغربية، واتخاذه للعديد من القرارات السلبية ضد الجهود التي تبذل لإنهاء الإرهاب في ليبيا وسوريا، اتخذ السيد مون العديد من القرارات التي وصفها العاملون في الأمم المتحدة بالقرارات المتسرعة، إلا أنها في الواقع مقصودة لسقوطه في فخ القوى والجماعات الداعمة لإسرائيل، ومنها إقامة مؤتمرات ولقاءات داعمة لإسرائيل، ومنها إقامة مؤتمر لألف طالب ومحام تم تدريبهم داخل قاعات الأمم المتحدة يوماً كاملاً، على الرغم من أن المؤتمر كان يهدف إلى التنديد بقرارات الأمم المتحدة التي هدفت إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
ولتعزيز رمزية التجاوز وإظهار الأمم المتحدة كجهة عاجزة رتب عقد المؤتمر المؤيد لإسرائيل والرافض لقرارات الأمم المتحدة في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، المكان الذي صدرت منه قرارات التصدي للاحتلال.
السيد مون -الذي تمادى في تبنيه وسعيه لاتخاذ خطوات ومواقف وإضافة قرارات مسيئة للعرب بالتحديد والوقوف مع دول تثير الإرهاب وتعاكس مبادئ الأمم المتحدة- يجب أن يحذر من ذلك؛ لأنه بعمله هذا لا يحصد العار لاسمه والمنصب الذي سيتولاه رغم قرب تركه له، بل يمتد العار للبلاد التي ينتمي إليها.