جاسر عبدالعزيز الجاسر
في معظم بل وفي أغلب الدول تستثمر رموزها وكتّابها وأدباءها ليس فقط لعرض وجهة النظر الرسمية ومواقف الدولة من القضايا التي تهم تلك الدولة والإقليم الذي تنتمي إليه، بل أيضًا للحديث عن مكامن القوة الناعمة في بلادها من نشاط أدبي وثقافي واجتماعي، بل تعمل دول كثيرة على تعظيم صحفييها وكتّابها ومن خلال توفير المعلومات ومدّهم بها وتمكينهم من الوصول إلى أدق التفاصيل، فيتفوق هؤلاء الكتّاب حتى يصبحوا رموزًا في مهنهم ومصادر للمعلومات التي هي في النهاية تخدم البلد الذي ينتمون إليه.
هكذا صنع محمد حسنين هيكل وقبله محمد التابعي وموسى صبري، ومعهم كثيرون في مصر وإن كانت أدوارهم أقل مما ذكرت، ولكنهم كانوا استثمارًا جيدًا مررت عبرهم مواقف مصر سواء في عهد جمال عبد الناصر أو في عهد أنور السادات.
وإيراد مصر للتدليل على قيمة وأهمية ما يحققه الكاتب الجيد، لأن الجميع يعرف ما قام به الكاتب محمد حسنين هيكل في خدمة أفكار ونهج جمال عبدالناصر الذي درب عديدًا من الصحفيين الكتّاب الذين ظلوا مخلصين لأفكار هيكل ومعلمه عبد الناصر، ونحن هنا سواء اتفقنا أو اختلفنا مع هيكل إلا أن خدمته للرئيس الذي يؤيده والدفاع عن الدولة التي كان يرأسها كانت ناجحة وتجربة لا بد أن تدرس وتطبق، لأنها وبكل المقاييس لا ينكر أحد فائدة ما حققته من نجاحات لحكم عبدالناصر، ومع أن من جاء بعد عبد الناصر أنور السادات حاول استنساخ التجربة بالدفع بالكاتب الصحفي موسى صبري وبعده أنيس منصور إلا أنهما وعلى الرغم مما قدماه من خدمات لم يصلا إلى إنجازات ولا إلى ما حققه من أعمال لفرض فكر عبدالناصر على المصريين والترويج له لدى العرب.
والذي أريد أن أصل إليه هو مدى الفائدة التي يحققها مدّ الكاتب بالمعلومات الصحيحة والدقيقة وإيصال المواقف التي تخدم البلد من فوائد تنعكس إيجابيًا في دعم مواقف الدولة، التي تكون أكثر إيجابية وفائدة للدول والحكومات التي تسلك سلوكًا نظيفًا وتقوم بأعمال قد لا يعرفها حتى مواطنيها لعدم الإفصاح عنها وعدم إيصالها لمن يعرف كيف يعرضها ولهذا فإننا هنا في المملكة العربية السعودية وعلى الرغم من قيامنا بالكثير من الأعمال المشرفة ومواقفنا الداعمة لأشقائنا العرب والمسلمين ونصرتنا للحق لا نجد صدى لهذه الأعمال حتى عند أقرب الناس إلينا، فحتى الدول العربية المجاورة لنا والدول الإسلامية الشقيقة لا تعرف ما تقوم به المملكة العربية السعودية من جهود، لأن من يعمل في الصحافة والإعلام وكتاب لا يحصلون على المعلومات التي تعزز عملهم وتجعلهم أكثر قدرة على إيصال الحقائق.