د. عبدالواحد الحميد
من المسلم به أن هناك تحديات كبيرة سوف تواجه تنفيذ «رؤية 2030» على امتداد السنوات القادمة، فالأهداف المعلن عنها كبيرة وجذرية وغير مسبوقة في تاريخنا التنموي رغم تجربتنا الطويلة في التخطيط التنموي المتمثّل في خطط التنمية الخمسية التي انطلقت منذ مطلع العقد السبعيني من القرن الماضي.
وقد كانت خططنا السابقة طموحة في أهدافها وحققت الكثير لكنها مع ذلك لم تحقق أحد أهدافها الرئيسية المتكررة وهو توسيع القاعدة الاقتصادية بشكل كاف وتخفيف الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل بحيث يمكن تجنيب اقتصادنا الوطني المتاعب التي طالما سببتها تذبذبات أسعار النفط في الأسواق العالمية من حين لآخر، فضلاً عن تعثر تحقيق بعض الأهداف الرئيسية الأخرى.
ومنذ أن تم الإعلان عن «رؤية 2030» كان السؤال الذي يشغل أذهان المتابعين هو كيف ستأتي التفاصيل وما هي الاحتياطات التي سيتم اتخاذها والأدوات التي ستستخدمها الجهات صاحبة القرار على مستوى التخطيط والتنفيذ لكي تضمن الدولة تحقيق الأهداف المعلن عنها على النحو الذي يرتفع إلى تطلعات المواطنين وهي التطلعات التي يتطاول سقفها يوماً بعد يوم في ظل ما يُعلن من وعود كبرى تبشّر بتحول وطني جذري وشمولي.
بالطبع نحن ما زلنا في البدايات المبكرة وما زالت التفاصيل غائبة وسوف تتضح الصورة بشكل أفضل مع قادم الأيام، إلا أن ما تم الإعلان عنه منذ أيام عن نظام حوكمة لرؤية السعودية 2030 هو خطوة في الاتجاه الصحيح، وقد كانت ضرورية للغاية في ظل الأهداف غير المسبوقة لهذه الرؤية في تجربتنا التنموية المحلية.
هذا النظام الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام يضفي الكثير من المصداقية والقوة للمشروع التنموي الوطني بما يوفره من شفافية ومتابعة وآليَّات لتصحيح المسار عندما يتطلب الأمر ذلك. ومما لا شك فيه أن أدوات نظام الحوكمة والهرميات والمرجعيات التي يتم التصعيد من خلالها، حسبما جاء في الوثيقة المنشورة، هي الأخرى قد تخضع للمراجعة وفق ما يستجد من ظروف في الامتداد الزمني الطويل الذي سوف يستغرقه تنفيذ الرؤية.
لكن المهم، في هذه المرحلة، هو ما تحمله فكرة تطبيق نظام حوكمة الرؤية من وعد بالشفافية والتدخل الحاسم والسريع للتصحيح. فالأخطاء تقع، والظروف تتغيّر، وقد يتبدى لنا في المستقبل ما كان غائباً عن عيوننا وقت التخطيط؛ وكل ذلك هو مما يقع في أي جهد بشري، لكن المهم أن تملك الجهة صاحبة القرار الأدوات التي تساعدها على اكتشاف الانحرافات عن المسار وتصحيحها في الوقت المناسب.
هذا ما توحي به فكرة نظام حوكمة تحقيق رؤية السعودية 2030، وقد كان نشر إطار حوكمة تحقيق الرؤية من قبل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية خطوة أساسية وضرورية في هذا المجال.