د. عبدالواحد الحميد
سيكون شهر مارس من كل عام شهراً للقراءة في دولة الإمارات العربية المتحدة بدءاً من عام 2017، ولكن سيكون شهر أكتوبر هو شهر القراءة لهذا العام 2016، ربما لأن المسؤولين هناك لا يريدون أن ينتظروا عاماً تقريباً حتى حلول مارس 2017!
المبادرة تم الإعلان عنها في مطلع شهر مايو الحالي، فقد اتضح أن هناك عزوفاً عن القراءة لدى المواطنين في الإمارات، مثلما هي الحال في بقية الدول العربية الأخرى.
الإمارات أجرت مسحاً وطنياً شاملاً تبين من خلاله أن الفرد يقرأ في العام 1.5 كتاباً، وأن الطالب يقرأ أربعة كتب في العام بالمقارنة مع أربعين كتاباً يقرأها الطالب في كوريا الجنوبية! كما وجد المسح الإحصائي الشامل أن نصف الطلاب في المدارس والجامعات ليس لديهم عادة القراءة.
هذه النتائج التي توصل إليها المسح الوطني الشامل للقراءة في الإمارات ربما ليست أسوأ مما هو موجود في الدول العربية الأخرى، لكن دولة الإمارات قررت أن تتحرك لمواجهة هذا القصور الفادح، فأنشأت صندوقاً لدعم القراءة بقيمة 100 مليون درهم، وشرعت في إعداد قانون للقراءة، وحددت شهر مارس من كل عام ليكون شهراً للقراءة بشكل تظاهرة وطنية تُستنفر لها الأجهزة الحكومية في الدولة لتشجيع القراءة، بالإضافة إلى برامج أخرى رائعة تعمل كلها على ترسيخ عادة القراءة لدى المواطنين الإماراتيين.
حقيقة الأمر أن دولة الإمارات لم تحدد شهراً واحداً فقط للقراءة عندما اختارت توقيتاً رمزياً تتكرس فيه كل الجهود لتشجيع القراءة، وإنما هي أطلقت جهداً وطنياً شاملاً على امتداد العام لجعل القراءة عادة تلقائية يمارسها المواطن مثلما يمارس العادات الأخرى في برنامجه اليومي. ويتضح ذلك من خلال حزمة البرامج والخطط التي تم طرحها والتي تحدث عنها رئيس اللجنة العليا للقراءة في دولة الإمارات العربية المتحدة السيد محمد القرقاوي الذي يحتل أيضا منصب وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل في الدولة.
إن العزوف عن القراءة هو أحد مظاهر التخلف، وهناك إحصائيات ومسوحات كثيرة تدل على أن المواطن العربي منصرف عن القراءة بشكل شبه تام، ومنها إحصائية أشارت إلى أن الفرد الإسرائيلي يقرأ في المتوسط أربعين كتاباً كل عام بينما يقرأ كل ثمانين مواطن عربي كتاباً واحداً في العام. وربما تكشف هذه الإحصائية الفارق الحضاري المقلق بيننا وبين الإسرائيليين.
نتمنى أن تحتذي بقية الدول العربية النموذج الإماراتي في تشجيع القراءة من خلال استنفار أجهزتها الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني لتشجيع القراءة، فذلك هو ما سوف يختصر لنا المسافة الزمنية للحاق في ركاب الأمم المتقدمة.