د. عبدالواحد الحميد
ها نحن، بحمد الله، نحصد الثمار المباركة من تعليم المرأة السعودية بعد ممانعة شديد من بعض الفئات الاجتماعية التي ارتابت في البداية من تعليم المرأة. لقد أصبح لدينا الآن عشرات الآلاف من النساء المتميزات النابغات في مجالات اختصاصهن، فضلاً عن ملايين النساء المتعلمات اللاتي ينعكس تعليمهن على حياتهن الأسرية وإسهامهن في تقدم مجتمعهن.
واليوم يفوق عدد الطالبات في مرحلة التعليم الجامعي عدد الطلاب الذكور مما يعني أن مجالات الإسهام الوطني الإيجابي للمرأة السعودية سوف تكون أعظم بكثير مما هي عليه الآن بالرغم من المعوقات الحالية التي ستزول بالتدريج بفضل تزايد الوعي الاجتماعي.
وقد نشرت الصحف المحلية مؤخراً الخبر العلمي المفرح الذي جاء فيه أن فريقاً علمياً بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض برئاسة الدكتورة خولة الكريِّع قد تمكن من تحديد «جين» مسؤول عن انتشار سرطان الغدة الدرقية لدى المرضى السعوديين، وهو اكتشافٌ سيكون له أكبر الأثر في تحديد الطريقة المثلى لعلاج الأشخاص المصابين بهذا المرض.
والدكتورة خولة الكريع هي واحدة من بنات هذا الوطن وهي من منسوبي مستشفى الملك فيصل التخصصي وكبير علماء أبحاث السرطان وعضو مجلس الشورى، وقد أنجزت العديد من البحوث والدراسات في مجال تخصصها وتم نشر بحوثها ودراساتها في أشهر المجلات العلمية المُحَكّمة ذات الانتشار الواسع في الأوساط الطبية والعلمية في العالم.
تقول الدكتور خولة إن هذا الاكتشاف كان ثمرة جهود طويلة قام بها الفريق الذي ترأسه مما أدى الى فك الشفرة الجينية لسرطان الغدة الدرقية لدى المرضى السعوديين والتعرف على الخريطة الجينية لهم حيث تبين وجود خلل جيني معين لدى مئات الأشخاص السعوديين الذين يعانون من هذا المرض، والذين تمت مراقبة تطورات المرض لديهم، وقد كانت المفاجأة اكتشاف « علاقة هذا الجين في تحديد شفاء المريض من عدمه».
وتكمن أهمية هذا الأمر في أن تحديد الجين يساعد في «تحديد نوعية العلاج المقدم لمرضى سرطان الغدة الدرقية حيث إن الأطباء يستطيعون فحص المريض عند وجود هذا الاختلال قبل البدء بالعلاج، فإن وُجِد هذا الاختلال الجيني يمكن (للأطباء) تقديم علاج أقوى.... مما سيُمَكن من منع الورم من التطور أو الانتشار في أماكن مختلفة من الجسم».
هذه الدراسة السعودية تم نشرها في مجلة أمريكية علمية محكمة متخصصة في الوراثة البشرية أسمها AJHG وهي الدورية العلمية الرسمية للجمعية الأمريكية للوراثة البشرية، وقد نالت استحسان المحكمين حتى أن أحدهم قال: « أن هذا البحث يعد علامة علمية خارقة»، وقال آخر إن الدراسة تتضمن « اكتشافاً جديداً وفريداً ومثيراً للحماس».
نبارك لوطننا الغالي بهذه الثمار الطيبة المباركة ونبارك للعالمة السعودية خولة الكريّع ولجميع نساء الوطن، كما نبارك لجميع أعضاء الفريق العلمي ولمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض، ودائماً إلى الأمام إن شاء الله.