سعد الدوسري
كلما دار حوار عن الأعمال الحرفية، خرج لنا مَنْ يفتي بضرورة أن نوجّه أبناءنا وبناتنا للمجالات المهمة، كالطب والهندسة والحاسب الآلي والقانون والمحاسبة، وألا نوجههم للمجالات الفنية، ذات العلاقة بالإنشاءات، مثل الكهرباء والنجارة والسباكة. وأصبح بعضهم ينظرون لهذه المهن، على أساس أنها خاصة بالعمالة الرخيصة، وليس بشبابنا وشاباتنا، العاطلين والعاطلات عن العمل، حتى وإن انتظروا طيلة حياتهم، فرص العمل التي لن تجيء.
الشابة منى الشهري، كانت واحدة ممن ظلوا ينتظرون مثل هذه الفرص، بلا جدوى، وبدل أن تواصل الانتظار انضمت لبرنامج تأهيل في مجال السباكة والكهرباء، وتخرجت منه لتكون أول سباكة سعودية، مع 33 من زميلاتها. ولأنني أريد أن أحتفي بالمميزين والمميزات الشباب في كافة المجالات، فإنني أجدني ملزماً بالوقوف أمام قرار منى بالانضمام لهذا البرنامج، باعتباره قراراً شجاعاً، سيفتح لها أبواباً واسعة للتطور، وربما لتأسيس مشروع خاص ينقلها من حالة البطالة إلى حالة الإنتاج الحقيقي.
أعرف أن أحدكم سيسألني:
- ترضى تشتغل بنتك سبّاكة؟!
أجل، فالوطن اليوم بحاجة لكل المهن، وهذه المهن تحمل في طياتها إمكانات للتفوق والتميز، إن كانَ مَنْ يمتهنها يحمل في داخله الطموح والمثابرة والتحدي. وفي النهاية، سوف لن ندخل في حقبة جديدة، حقبة يميزها الإنتاج وليس الاستهلاك، إنْ لم يتكاتف الجراح مع محلل الأنظمة المعلوماتية مع فني الكهرباء مع مهندس السيارات، لصناعة وطن جديد.