إبراهيم عبدالله العمار
اليوم نصل إلى ختام هذه السلسلة، والتي رأينا فيها كتاب «الطريق إلى أُبَر» وهي رحلة للمستكشف نيكولاس كلاب الذي اصطحب معه مجموعة من العلماء واتجهوا إلى عُمان ليبحثوا عن إرم ذات العماد، مدينة عاد، وتحديداً ذهبوا لقرية صغيرة اسمها شصر، ورأينا اكتشافاتهم فيها، منها: - قبور مسلمين سكنوا في وادٍ قريب. عرفوا هذا من توجيهها للقبلة. أيضاً وجدوا قبور قوم من الكفار مع أغطية رؤوسهم لا زالت على الجماجم.
- أربع صخور مستطيلة، تطابقت مع وصف قديم لآلهة الكفار، حيث يُسندون ثلاثاً إلى بعضها مثل الهرم ثم الرابعة فوقها، يعبدونها ويستخدمونها في أغراض أخرى كالطبخ(!).
- آنية رومانية ويونانية كثيرة، يظنون أنها إما جُلِبت من القوافل التي ذهبت لتلك البلاد البعيدة أو حوكيت.
- بقايا بحيرة (في الربع الخالي!) جفت قبل 8 آلاف سنة.
- أدوات من العصر الحجري قبل 7 آلاف سنة منها فؤوس وكاشطات جلد الحيوان ومطارق ورؤوس أسهم.
- آثار قلعة كبيرة تحوي غرفاً وأكشاكاً وحصناً. هذه يظنون أنها إرم.
- الذي قوّى اعتقادهم هو أنهم وجدوا قرابة10 أبراج كجزء من القلعة. يقول نيكولاس إنها ربما هي «العماد» التي وُصِفَت بها إرم.
- فرن صخري، أي شرائح مستطيلة من الصخور تعكس الحرارة، يظنون أنه لمعالجة البخور واللبان التي تاجر بها قوم عاد والتي كانت تزخر بها المنطقة.
- قطع شطرنج، لكن وقتها بعد هلاك عاد، ويظنون أنها لأقوام أخرى سكنت مساكنهم.
- مدينة ساحلية اسمها اليوم عين حمران، يظنون أن قوم عاد بنوها، يرسلون البخور واللبان بالبحر وأحياناً بالقوافل في البر. وجدوا فيها كأساً بنفسجية عليها صلبان تعود لنصارى، وهذا غريب لأن النصارى لم يُعرَف أنهم أتوا هنا، ويظنون أن قوماً منهم أبحروا إلى عمان وصنعوا مستوطنة صغيرة اندثرت.
- رافقهم عالم الآثار المرموق جوريس زارينس والذي تفحّص الآثار وقال إن سكان تلك القرية أصابهم حدث كبير كارثي أبادهم، وهذا يتطابق مع ما أتى في القرآن عنهم.
الآن السؤال الهام: هل هذه هي إرم فعلاً؟ هناك تطابقات بين وصف القرآن والسنة لها وبين ما وجده المستكشفون كما رأينا هنا، لكن هناك أيضاً تناقضات: تاريخ آثار عاد هناك تعود إلى قبل ميلاد عيسى عليه السلام بقليل، وهذا يتعارض فيما يبدو مع ما يضعه بعض المؤرخين المسلمين لنبي الله هود الذي أرسل لعاد، فرغم أنه لا يوجد نص صريح من القرآن أو السنة على التواريخ التي عاش فيها الأنبياء إلا أن بعض المؤرخين يقول إن (هود وعاد) عاشوا قبل آلاف السنين، قبل عيسى بكثير جداً بل قبل موسى وحتى إبراهيم، وبعضهم يضعهم في تسلسل الأنبياء بعد نوح، والله أعلم عن صحة هذا، لكن السياقات الأثرية تجعل صعباً التصديق أن عاداً عاشوا قبل عيسى بمئة أو مئتي سنة. أيضاً شكّك البعض في صحة نسبة الشصر إلى عاد معتمدين على ما يرون أنه تعارض بين القرآن وبين هذه الاكتشافات، منها أن الآثار تعود فيما يظهر لعصر قاحل ليس فيه إلا نبع ماء هو الذي سقى أهل القلعة، بينما القرآن يقول أن الله أنعم على عاد بجنات وعيون.
سواءً كانت هذه هي إرم أم لا فالكتاب ممتع وشيق جداً ويجدر ترجمته للعربية لأنها رحلة استكشافية خلابة.