د. خيرية السقاف
النفس الرضية واسعة كالبحر.. كلما قنعت امتدت..
الفكر المتجدد مفعم كموجه, كلما مد, وجزر أعطى وأخذ..
الخلق الفاضل كنز كمدخراته, كلما امتحـن في محك أدهش في ظهورها..!!
القلب الطيب معطاء كمائه, ما قصده المبحرون من شاطئ إلا أخذهم لحيث يرومون..!!
الطبع الحسن لطيف كمائه, كلما أبحر المفلسون أعادهم بصيده..!!
الإنسان كله كالبحر..
آية كبرى إن تفكر فيها قبل التمتع بجمالها أدرك في إبحاره عظمتها, وأمثلتها, وأدلتها, وبراهينها..
وعلم من نفسه ما يعينه عليها, وبذل في حياته ما يمكنه من مآربها, وتوقف في سيره عن مزالقها, وعرف من النهج أصوبه, ومن الجهة أسلمها, ومن الزاد أنفعه, ومن العطاء أطيبه, ومن الحدود أنجاها, ومن القيود أفضلها, ومن العدل أوسطه, ومن الحق أبلجه..
البحر بلطيف انسيابه ونسائمه, وبقوة موجه وعنفوانه, وبعميق مداه وسعة امتداده, بخيراته ومدخراته, بمجهوله ومعلومه, بمده وجزره, بما فيه حيي إذا خرج مات, وبما هو خارج عنه إذا دخله ولم يخرج مات, ينبسط بين عيني الإنسان, ليس فقط ليركبه فينتقل, ولا ليركبه فيصيد, ولا ليركبه فيغرق, ولا ليركبه فيبطش, ولا ليركبه فيسر ويمتع, إنما ليزيده اقترابًا من نفسه, وإيضاحًا لحقيقته, وتمكينًا ليقينه, وتأكيدًا لبشريته..
فكل آيات فيه براهين يتخذها العاقل الفطن بوصلة للمسار, وإن لم يكن يقطن عند شاطئه, ولا في مناطقه.