لقد مرّ مجال التربية الخاصة بالمملكة العربية السعودية خلال العقد الماضي بنوّع من الفتور، ويرجع ذلك - من وجهة نظري- إلى العديد من المتغيِّرات، ومن أبرزها: انشغال القائمين على العملية التعليمية بمشكلات التعليم العام وتحسين مخرجاته، وتطوير أداء المعلمين وغيرها من القضايا، مما أدى إلى ضعف التوسع في خدمات التلاميذ ذوي الإعاقة، وعلى وجه الخصوص؛ إتاحة الفرصة لهؤلاء التلاميذ للاندماج مع أقرانهم العاديين أو ما يعرف بالتعليم الشامل. إلا أن المتتبع لجهود وزارة التعليم بالتعاون مع شركة تطوير للخدمات التعليمية في الآونة الأخيرة يدرك حجم المبادرة التي أطلقتها، بهدف إيجاد مشروع للتعليم الشامل يمكن تعميمه على بقية مدارس التعليم العام لاحقاً في جميع مناطق المملكة، حيث شمل هذا المشروع ست مدارس للتعليم العام تتضمن رياض الأطفال، والمرحلة الابتدائية للبنين والبنات. ولقد حرص القائمون على تطبيق هذا المشروع لإيجاد بيئة مميزة تدعم نجاحه من خلال الاستفادة من بيوت الخبرة العالمية في هذا المجال خصوصاً في الولايات المتحدة الأمريكية، كما حرص هذا المشروع على دمج جميع الحالات التي لديها إعاقة - بغض النظر عن طبيعة الإعاقة وشدتها- وتقديم الخدمات الداعمة لها، كمعلمين مساعدين، وتكييف المنهج العام وتعديله، والتصميم الشامل للتعلم، وتقديم الخدمات المساندة، كخدمة علاج اللغة والكلام، وتوفير جميع الأدوات التعليمية التي تسهم في تعلم هؤلاء التلاميذ بشكل فعّال. ويمكننا القول: إن هذا المشروع يعد الفريد من نوعه على مستوى العالم العربي؛ بل إنه يعكس الممارسات العالمية في تطبيق التعليم الشامل.
على أي حال، إن ما نؤمله -كمتخصصين في مجال التربية الخاصة - أن يجد هذا المشروع الدعم من قبل الجميع، وعلى رأسهم صنّاع القرار في وزارة التعليم، بما يسهم مستقبلاً في تعميمه على جميع المدارس، وأن يدرك الجميع أن تطبيق التعليم الشامل يحتاج لتضافر الجهود من جميع أطراف العملية التعليمية، وأن لا نُقيم هذا المشروع دون فهم واضح لأبعاده، وحجم الجهود المبذولة لإنجاحه. وبهذا يمكن أن نضمن تقديم الخدمات التربوية لهؤلاء التلاميذ في بيئات التعليم الشامل، وبما يتوافق مع الرؤية الوطنية الجديدة.