أحمد الناصر الأحمد
رحم الله الإنسان البسيط والشاعر المحيط العميق المتفرد سعد بن جدلان الأكلبي، الذي رحل عن دنيانا إلى دار الخلود. ابن جدلان شاعر مختلف بجزالة شعره، وعمق طرحه، وسمو أفكاره، وتميُّز عطاءاته وتفردها.
رحل سعد بن جدلان بعد أن ترك لمحبي الشعر الشعبي إرثًا عظيمًا من القصائد الخالدة العامرة بالحكمة والمتفردة بالأسلوب والتناول:
ودنا بالطيب بس الدهر جحاد طيب
كل ما تخلص مع الناس كنك تغشها
يدك لامدت وفا لاتحرى وش تجيب
كان جاتك سالمه حب يدك وخشها
جل قصائد الراحل تستحق التوقف عندها، واستنطاق الجمال الفني المكتنز فيها، والصور والمعاني التي تتحلى بها أبياتها.. وهو جهد يغري النقاد للسفر في دروب الجمال والإبداع:
تغانموا الأوقات والوقت موقوت
الوقت مثل الظل والظل مايل
ياللي تخطط لك مشاريع وبيوت
في طاعة المعبود كيف أنت قايل
نسيت بيت الآخرة وأنت مبهوت
ما عاد تنفعك الحيل والتحايل
النصح واجب قبل لا يفوتك الفوت
النار يا مسكين تعمل عمايل
قلته وأنا مقصر لكن برفع الصوت
ياللي تبون الفوز والشك زايل
الفوز والله توبة تسبق الموت
قبل الوداع وقبل شد الرحايل
ومن زلال نهر الحكمة والجزالة يملأ دلاءه ليروينا إبداعًا وتميزًا:
الا يا الله ياللي تحـت هيبـة سلطنتـك اسلمـت
لك المسلم يسبح لك بحمـدك ولـك الإسلامـي
أحمدك وأشكرك وأثني عليك بما علـي أنعمـت
تزودني وفا قـدر العشيـر ووصـل الأرحامـي
ولهتك يالنديم اللي على صافي وفـاك اضرمـت
بصفحة ذكريات العام واللـي مـن ورا العامـي
بعد تقرير مشوار التجـارب نجحـك واجزمـت
بان السيف سيفي والعصـا والمحـزم احزامـي
قلائد بن جدلان الإبداعية أكثر وأشمل من أن أحيط بها أو ببعضها هنا.. يكفي سعد أنه عاش إنسانًا رائعًا نقيًّا وشاعرًا متفردًا، ورحل كذلك.
اللهم اغفر له وارحمه، واجعل الجنة مستقره وداره، وجميع موتى المسلمين.