أحمد الناصر الأحمد
قبل انتشار التعليم وحين كانت الأمية تضرب اطنابها بين افراد المجتمع وقتها كان الناس بالكاد يجدون من (يفك الخط) وكان الحفّاظ هم اكثر الناس قبولا وترحيبا عند الناس لكون ذواكرهم هي المستودع الضخم والوحيد للمعلومات والأحداث والقصص والوقائع.. كان الحفاظ فيهم الأمي ومحدود التعليم وكانوا يتقاسمون الاختصاصات فهذا حافظ متخصص بالأنساب وهذا متخصص في بعض أمور الدين وثالث اختصاصه الأحداث والحروب ورابع متخصص بالفلك والأهلة والفصول.. وكان الناس يلجأؤن لكل حافظ حسب حاجتهم لتخصصه.. في مجال الأدب والشعر كان للحفاظ القدح المٌعلى والنصيب الأوفر.. وكان لحفاظ الأدب والشعر وفي مقدمتهم (الرواة) مكانة خاصة في نفوس الجميع وحضوة خاصة في المجالس والمسامرات كانوا المٌقدمين والمٌهتم بهم والمٌصغى اليهم.
اختلف الزمن وانتشر التعليم وتقلصت الأمية وأصبح أمر التدوين سهلا وفي متناول الجميع وظل الكثير من الحفاظ والرواة يحتفظون بالكثير من جاذبيتهم رغم تقلص أهميتهم وتراجع دورهم.. لكن مع ظهور الإنترنت وما تبعه من تطور وتتابع في وسائل المعرفة والتواصل أصبح الإنترنت هو المستودع الأضخم للمعلومة والمؤشر الأهم للمعرفة.. والراوي الأكثر حفظا وتنوعا وأصبح (جوجل) يستقبل كل دقيقة بل كل جزء من الثانية معلومة او حادثة جديدة ويجود بها برحابة صدر واريحية متناهية لكل من يبحث عنها.. الكثير مما في صدور وذواكر الرواة والحفاظ تم إفراغه كتابة او صوتا وصورا في لجة هذا المحيط اللامتناه المسمى جوجل!.
من المؤكد أن دور الرواة قد تلاشى او هو في الطريق للتلاشي!.