د. محمد عبدالعزيز الصالح
قبل ثلاثة أسابيع كان لدى صديق لي (محامٍ) موعد في المحكمة العامة بالرياض الساعة العاشرة صباحًا. وحرصًا منه على الوصول والوجود في المحكمة قبل الموعد المحدد انطلق بسيارته الساعة الـ8,30ص؛ إذ بدأ تحركه بالقرب من تقاطع طريق الملك فهد بالدائري الشمالي. وعلى الرغم من ذلك استغرقت مدة المشوار قرابة الـ90 دقيقة، ولم يصل إلى مكتب القاضي إلا بعد بدء جلسة الترافع. وعند نهاية الجلسة الساعة الـ11 عاد من المحكمة الساعة الـ11 ولكن تكرر المشهد نفسه في العودة أيضًا؛ إذ لم يصل لمكتبه إلا الساعة الـ12,20 ظهرًا!!
وقبل أسبوع كان هناك موعدٌ آخر لهذا المحامي في المحكمة, وتكرر المشهد نفسه, ساعة ونصف الساعة في الذهاب, وقرابة الساعة تقريبًا في العودة؛ وذلك بسبب الاختناقات المرورية التي يعانيها طريق الملك فهد ذهابًا وإيابًا.
تصوروا، ثلاث ساعات تقريبًا يقضيها الواحد منا في السيارة حتى يذهب لمشوار داخل مدينة الرياض!! والطامة هنا أن غالبية موظفي الدولة العاملين في مختلف الأجهزة الحكومية الواقعة وسط وشمال الرياض والساكنين في جنوب الرياض يهدرون الوقت نفسه تقريبًا بشكل يومي.
وأنا أقود سيارتي في وسط تلك الاختناقات المرورية المزعجة على طريق الملك فهد تبادر إلى ذهني تساؤلات عدة، منها:
- هل يعقل أننا لا نعير عامل الوقت أي اهتمام للدرجة التي نصل معها إلى أن الكثير من سكان العاصمة يقضون يوميًّا قرابة ثلاث ساعات وسط سياراتهم في تلك الاختناقات المرورية؟!
- ألا نتفق بأن ذلك يمثل هدرًا تنمويًّا واقتصاديًّا للوطن, ولاقتصاد العاصمة على وجه الخصوص؟
- وهل يعقل أن الجهات ذات العلاقة لم تكترث بالأمر, ولم تتحرك لإيجاد حل لتلك الاختناقات المرورية التي يعانيها سكان وزوار العاصمة طوال أيام الأسبوع؟
لأكثر من مرة توجهت من خلال هذه الزاوية مطالبًا كلاً من وزارة النقل والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بالتحرك العاجل لإيجاد حلول لتلك الاختناقات المرورية ولكن..................
لو شخَّصنا تلك الاختناقات المرورية لأدركنا أنها تحدث أيضًا على طريق مكة، الذي يمثل الشريان الآخر لسكان العاصمة من الشرق إلى الغرب؛ إذ يمتد من مخرج مستشفى الملك فهد شرقًا حتى طريق الأمير تركي الأول غربًا.
ورسالتي في هذا المقال موجهة باسم جميع أهالي مدينة الرياض لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض رئيس الهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض, ونؤكد لسموكم خالص تقديرنا للجهود المخلصة المبذولة من قِبل الهيئة العليا لمنطقة الرياض والمبذولة في المشروع الاستراتيجي للطرق والنقل للعاصمة, إلا أنه لا يخفى على سموكم أن هذا المشروع يحتاج إلى سنوات طويلة لإنجازه, ولأن سموكم يعلم أن تعداد سكان الرياض يتجاوز ثمانية ملايين نسمة, وأن النمو السكاني للعاصمة يتراوح بين 6 % و8 % سنويًّا؛ ما يعني المزيد من المتاعب لسكان العاصمة من الازدحامات المرورية في الطريقين الرئيسين (طريق الملك فهد, طريق مكة), فإنني أقترح على سموكم توجيه الهيئة العليا لدراسة وتنفيذ دور ثانٍ من الجسور الممتدة على هذين الطريقين, بحيث تكون كما يأتي:
1. جسر يمتد على طريق الملك فهد من نادي الشباب شمالاً حتى أسواق عتيقة جنوبًا. (على الطريقين الرئيسين فقط دون خطوط الخدمة).
2. جسر يمتد على طريق مكة من تقاطع مستشفى الحرس الوطني شرقًا حتى الدائري الغربي. (على الطريقين الرئيسين فقط دون خطوط الخدمة).
سمو الأمير, إن إنجاز الجسور لا يستغرق سوى أشهر قليلة, وقد يتطلب الأمر الحصول على موافقة سامية بالتعميد المباشر لأفضل الشركات الصينية في هذا المجال على غرار ما حدث في بعض المشاريع الاستراتيجية في العاصمة. وللمعلومية, فقد تم بناء أحد أكبر الجسور في الصين خلال شهر واحد فقط.
سمو الأمير, يمكن أن تكون تلك الجسور مساعدة للمشاريع الاستراتيجية والتي هي محل التنفيذ حاليًا, خاصة أنه من المتوقع أن يتجاوز عدد سكان الرياض عشرة ملايين نسمة بحلول عام 1440هـ، وفقًا لإحصائيات الهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض.