د. محمد عبدالعزيز الصالح
أقرَّ مجلس الوزراء مؤخرًا رؤية المملكة العربية السعودية 2030م, وقد أعلن سمو الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية بعد إطلاق هذه الرؤية أن هناك برامج ستُطلق قريبًا تحت مظلة هذه الرؤية, وأن أول هذه البرامج هو برنامج التحول الوطني المتوقع إعلانه قريبًا. ومن خلال هذه الزاوية سأقوم باستعراض بعض المرتكزات التي يقوم عليها برنامج التحول الوطني مبديًا بعض المرئيات حيالها إذا ما أردنا أن يتم تنفيذها بالشكل المتأمل.
يقضي المرتكز الثاني للبرنامج بأن يتولى مسؤولو كل وزارة فيما دون الوزير تسيير العمل الإجرائي فيها, بما يكفل منح الوزير مزيدًا من الوقت لقيادة الوزارة لتحقيق أهدافها، وقيامه بمسؤولياته الأخرى، وبخاصة الخطط والاستراتيجيات المستقبلية للوزارة.
وما من شك أن تنفيذ هذا المرتكز يقتضي من الوزير الدقة في اختيار الأشخاص الأكثر كفاءة لتولي مواقع الإدارة العليا والمسؤولية في وزارته, وأن يبتعد عن المجاملات والمحسوبيات في اختيار قيادات وزارته؛ إذ إن نجاح وتميُّز كل مسؤول هو نجاح للوزير نفسه، والعكس صحيح. إضافة إلى ذلك, فإنه من الأهمية أن يقوم الوزير بإخضاع كل شخص قيادي سيتولى أحد المواقع العليا في الوزارة لفترة تجريبية، لا تقل عن ستة أشهر؛ حتى يتم التأكد من مدى مناسبته للمنصب الذي سيتم تعيينه فيه. كما أن على الوزير أن يحرص على اختيار من يجمع بين القدرة العملية وكذلك الخبرة اللازمة التي تمكنه من تسيير الأعمال الإجرائية كافة التي تخص الوكالة أو الإدارة التي سيتولى قيادتها. إضافة إلى ذلك, على الوزير أن يحرص على اختيار القيادات ذات الخُلق، ممن يحترمون العاملين معهم، وكذلك يحترمون مراجعي الوزارة؛ فالمسؤول العصبي، ممن يتطاول على زملائه في العمل، عادة ما ينتج منه التأثير السلبي على مستوى الإنتاجية في العمل.
إن قدرة الوزير على الاختيار المناسب للقيادات التي ستعمل معه في الوزارة ستسهم في زيادة فعالية الأداء وتعزيز إنتاجية الوزارة, من خلال قيام هؤلاء المسؤولين بالأعمال الإجرائية كافة في مختلف قطاعات الوزارة, وتمكين الوزير من التفرغ لتحقيق الأهداف العامة والقضايا الاستراتيجية التي تخص القطاع الذي تشرف عليه وزارته, والعمل على ربط الخطط التي تسير وفقها وزارته مع الخطط العامة للدولة، التي أقرتها المجالس العليا في الدولة, وأكدتها رؤية المملكة 2030م. وما من شك أن ذلك يتطلب من الوزير عدم إقحام نفسه في التفاصيل، وترك مختلف الأعمال الإجرائية لمساعديه وللقيادات التي اختارهم للعمل معه.
كما أن ذلك يتطلب من الوزير التقييم الدقيق والمستمر لمدى فاعلية كل مسؤول يعمل لديه في الوزارة, ومدى قدرته على العمل مع بقية المسؤولين في الوزارة بروح الفريق الواحد, ومدى تمكنه من الإسهام في تحقيق المهام المناطه بالوزارة. كما يتوجب على الوزير عدم التردد في إقصاء أي من مسؤولي الوزارة في حال تقصيره وعدم تمكنه من مجاراة الفاعلية في الأداء التي يفترض أن يكون عليها مسؤولو الوزارة كافة.