سلمان بن محمد العُمري
تذكّرت أحد الرجال الصالحين المحسنين الذي أراد الإحسان لأحد أقاربه في شهر رمضان المبارك، ويعرف عزّة النفس لدى قريبه فلجأ إلى فكرة طيّبة تحفظ فيها كرامة القريب ولا تمنع البر والإحسان إليه، فطلب المحسن منه أن يساعده على تنفيذ مشروع خيري في الشهر الفضيل وأنه يثق فيه ويريد منه الإشراف على هذا المشروع بحيث يتولى شخصياً متابعة برنامج توزيع الأطعمة على بعض الأسر الفقيرة، وبرنامج الإفطار في أحد الجوامع الكبيرة، وأبلغه أنه حريص على أن يتولى شخصياً هذه المشاريع وألا يضطر لأحد بعيد فوافق ولم يكن يعلم أنّ المحسن إنما أراد نفعه والإحسان إليه أكثر من حاجته لمن يشرف على أعماله الخيرية.
تذكرت هذه القصة وأنا أتلقى رسالة من أحد الأحبة قدّم فيها مقترحاً جيداً قال فيه: «من عنده تفطير صائم خلال شهر رمضان يتعاقد مع أسرة سعودية منتجة معروفة بالأكل الطيّب والنظيف بدلاً من المطاعم بحيث تستفيد الأسرة إلى جانب الصائمين المحتاجين وعلى حد سواء». وقد راقت لي هذه الفكرة وأمثالها كثير.
وبينما أتجاذب أطراف الحديث مع إخوة وأحبة عن هذه الفكرة ذكر لي أحدهم أن رئيس أحد الجمعيات الخيرية كان حريصاً على تشغيل بعض أبناء الأسر المحتاجة قبل غيرهم حتى وإن كان العمل جزئياً وليس دواماً كلياً وربما كان العمل لسويعات في الأسبوع أو عند الحاجة، ويعتبر أن هذا الإجراء من باب الصدقة وسد الحاجة وإعانة الضعيف.
ونحن في شهر شعبان شهر خير وبركة والفقراء والمحتاجون يترقبون هذا الشهر العظيم شهر رمضان المبارك فيجب أن نعينهم بما نستطيع وأول المعروف والإحسان هو حفظ كرامة الإنسان وخاصة المتعفّفين منهم، والطعام والشراب من أفضل الصدقات بلا شك وحينما تكون لقريب أو لجار محتاج فهي أفضل وأعظم أجراً؛ لأن فيها من الخير الكثير خير الصدقة وخير الصلة والإحسان لذوي القربى.
وطالما أن الحديث عن الإحسان والطعام في الشهر الفضيل والاستعداد للإنفاق منذ شهر شعبان أذكر بعض المحسنين الذين يتنافسون بل ويتنازعون على الإفطار في مساجد أحيائهم في شهر رمضان وربما أحرجوا إمام المسجد والمؤذن ومن يقوم على الإفطار برد تبرعاتهم عليكم بالأحياء الفقيرة والمحتاجة داخل مدينتكم أو خارجها وقدموها لمن تثقون به وتبرأ الذمة فيه بدلاً من تقديم الأموال لمن يقوم على الإفطار حبذا أن يتولى من يكلف بهذه المهمة أيضاً التعاقد مع من ينفذ المشروع الخيري للإفطار ويتم معرفة التكلفة قبل البدء بالمشروع وأن توزع كحصص على من يريد المساهمة، وهذا يضمن الترتيب وحسن الإعداد والتنسيق الإيجابي.
لقد كانت وجبات الإفطار في المساجد في وقت مضى تعد في المنازل ويتولى جيران المسجد بالعمل مشاركة أو التناوب على إعداد الوجبات في منازلهم وتقديمها، وفي السنوات الأخيرة تغيّرت هذه الطريقة والعادة الجميلة إلى إعداد هذه الوجبات في المطاعم لانشغال الناس وكثرة المستفيدين من برنامج الإفطار في المساجد. وإن كنت أرى أن في إعدادها في المنازل تعويداً للأهل والأبناء على أعمال الخير والبر والإحسان. أما وقد تغيّرت الأمور فلابد من البحث عن طرق ووسائل فيها نفع متعدي وأجور مضاعفة.