عبد الله باخشوين
.. لعل أهم إنجاز تأسيسي للملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله- لبناء مملكة سعودية متجددة.. يتمثّل في احتضان (حرية التعبير) التي بدأت خلال ولايته للعهد مع كونها رافضة متمردة وكثيرة النقد.. لكنه أقرّها - عندما أصبح ملكاً - إن لم نقل دعمها.. واكتملت بصدور قرار يمنع الأخذ بالتقارير (الكيدية) ويرفضها جملةً وتفصيلاً.
وعلى ما في حرية (التعبير) من ثرثرة وبلبلة وأكاذيب وتناقضات أحياناً.. أفرزت كثيراً من الحقائق.. واستقرت على معرفة ما لدى قيادة الدولة من بصيرة ووعي قادر على التمييز بين الحقائق والأكاذيب في بلبلة الثرثرة التي أطلقت جميع (الألسنة) في وقت واحد.. كأنها لا تريد لأحد أن يميز ويفهم ويقرر.
غير أن هذا كان مفيداً جداً لرجل بمثل حنكة ووعي ودراية سلمان بن عبدالعزيز لأن بعده عن (واجهة) السلطة الملكية المباشرة جعله قادراً على قراءة وتحليل خلفيات ومحركات هذه الظاهرة بجانبيها سلباً وإيجاباً.. وقادراً على بناء تصورات خاصة لاستثمارها.
فقد تبيَّن له أن صوت (الشباب) هو الأكثر علواً.. لذلك فإنه عندما وصل لسدة الملك.. لم يقل بتفعيل السياسة الملكية التقليدية.. (سياسة الباب المفتوح) لم يقل بتفعيلها فقط.. لكنه أراد أن يحقق التفاعل والتناغم مع أصوات الشباب.. التي لا تخلو من شيء من التمرد والاعتراضات التي لم يكن بعضها سوى رغبة في الاعتراض الخالي من أي مضمون إيجابي.. أراد أن يضع الأمور في نصابها.. فجاء بالشباب للشباب.
توزعت المهام الصعبة تحت مظلة سلمان.. بعد أن أصبحت مهمة ضمان مستقبل الشباب للشباب.
هذه المهمة التي لا يدرك أهميتها وخطورتها إلا رجل مثل سلمان بن عبدالعزيز وأنت لا تدرك مدى قدرته على المحافظة على روح الشباب.. ولا تدرك مدى تفاعله مع الشباب ومدى أهمية الشباب لديه إلا بعد أن ترى دمعته ابتهاجاً بحصول ابنه الأمير راكان على شهادة الثانوية العامة في حفل مدارس الرياض.. فقد بدأ كأنه يحتفل بكل شباب هذا الوطن العظيم.. ويخص ابنه بعاطفة الأب الذي يرى عبور ابنه من ظلمات نفق الجهل ويصل لمطلع النور.
لذا أعتقد أننا حققنا بنجاح منقطع النظير كل مهام ثورة (الربيع العربي) وفق مقاييس خاصة لا تقوم على الفوضى والتخريب والتمزّق والدم.. لكنها تقوم على شد لحمة الوطن بتكاتف ومشاركة أبنائه كافة.
فها نحن تحت مظلة سلمان الأب والعقل المفكر والقائد العظيم.. نرى كيف يمضي محمد بن نايف الذي لقبه العالم بـ(حارس السعودية) من نجاح لنجاح لتأمين كل تراب الوطن من إرهاب أعدائه.. ويؤمّن الأمن لعضيده وأخيه محمد بن سلمان حتى يسير مع الشباب جنباً إلى جنب في أولى خطوات بناء وطن جديد.
هذا الوطن ليس نجاحه في بناء اقتصاد جديد.
ليس نجاحه في تحقيق خطوات رؤية 2030 .
ليس نجاحه في تحقيق كل الأحلام التي سوف تتحقق بالعمل والجهد المخلص والمثابرة.. إنما نجاح الوطن يكمن في تحقيق معادلة الوحدة الوطنية في عالم يتمزّق.. وتحقيق وحدة الصف والكلمة تحت مظلة المواطن سلمان بن عبدالعزيز قائد ثورة (ربيع السعودية).