د. خيرية السقاف
حتى الأطباء حين يكون فيهم الذكاء ممزوجاً بالحس الإنساني، يكونون أكثر لطفاً في نقل الخبر للمريض عن حالته، وهم يشخصون له داءه بأسلوب لا مساس فيه لمكامن قلقه، ومنافذ خوفه..
الإنسان جُبل ضعيفاً..
والله تعالى علم ضعفه فأمده بسبل مختلفة تمكنه من القوة، والتصبر، حتى تصل عزائمه لمستوى عال من الكفايات، كالرضا، والاستسلام، والثقة المطلقة في اختيار الله لخلقه أفضل، وأخير ما يرجون..
نعود للأطباء، نؤكد أنهم ليسوا المسؤولين عن معالجة المرضى فقط، إنما هم مسؤولون عن صحتهم النفسية، وفق قدراتهم التي ينبغي للطبيب فحصها قبل أن يأذنوا لأنفسهم نقل خبر المرض الخطير الذي قد يكونون مصابين به، أو يأس العلاج منه بعد بلوغ غاية المحاولات..
لأن هناك علاجاً أمثل، وأنجع، وأقدر لا ينبغي لأي من الطبيب، والمريض معاً أن ينسياه وهو آت من إرادة الله تعالى قبل، وبعد اتخاذ الأسباب من أدوية البشر..
الكلمة الطيبة أيضاً دواء، وإشاعة الأمل دواء، ودعم الثقة في النفس دواء، واتباع التعليمات دواء، وتطهير ذهن المريض من الوساوس دواء، وحفزه التوكل على الله دواء، ومزج العلاجين دواء..
إن الأطباء يشكلون في مواقفهم مع المرضى نوع العلاج، ومستوى تمكن المرض..
وكما تُدرب في الصانع مهارته ليحذق استخدام النار في الصهر، يكون تدريب المريض لصهر اليأس في داخله..
الأطباء مسؤولون عن نسب عالية من اجتياز مرضاهم أدواءَهم، أو وقوع هؤلاء المرضى في براثن سجن اليأس الذي يطبقون عليهم أطباؤهم في داخله..
هذه السطور من وحي زيارات مختلفة لمرضى أفقدتهم ألفاظ أطبائهم نعمة الأمل، فتشظت في صدورهم الثقة في الشفاء، وباتوا أسيرين لليأس..
«الكلمة الطيبة صدقة»، وخلقٌ..
كما أن تجارب الطب في استيقاظ نفر من «غيبوبة» مغرقة بأصوات محبيهم وهم بجوارهم، وحولهم، أو بضمة كفوفهم بدفء في كفوفهم شاهدة، ومثبتة في سجل العلاج، وهي خير مثال لأن يكون جميع الأطباء إنسانيين ذوي حس مرهف، وثقة في الله.
وتبقى الأقدار معلقة بمشيئة الله في خلقه، وبلطفه الكبير بكل مريض..
فاللهم أنت الشافي الكافي.. اكف كل مريض همه بشفائك التام، يا لطيفاً بخلقك أجمعين.