غسان محمد علوان
ها هي الأندية الكبيرة تغرق، جميعها بلا استثناء وإن اختلفت مستويات الغرق. الجميع تحدث عن خطورة الموقف، وأن كرة الثلج آخذة في التضخم يوماً تلو الآخر ولكن لا حياة لمن تنادي. حلول وقتية لا تؤدي الغرض ولا تنهي المشكلة. جدولة للديون، ثم إعادة جدولة للديون، ثم جدولة إعادة جدولة الديون والنتيجة أن أصحاب الحقوق لا يستلمونها. وكأن أصحاب الشأن لا يعون مدى ضخامة فاتورة الأندية المماطلة، وأن ازدياد التزاماتها أكثر بكثير من قدرتها على الإيفاء بها. وكان الخبر الجميل للرياضيين جميعاً هو ذلك الأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بتحويل مسمى الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى الهيئة العامة للرياضة لتصبح شبه مستقلة حكوميًا ضمن حزمة أوامر ملكية غيرت ملامح عدد من الوزارات. أهم ما في هذا التغيير هو إنهاء الفكر القديم بأن الرياضة هي لإشغال الشباب فقط عن مواطن الفساد، وإرهاقهم جسدياً حتى لا يتم استخدام طاقاتهم المتفجرة في غير محلها. هذا النهج وإن كنا لا ننكر سلامة مقصده، ولكنه رأي قاصر عن الفكرة الأهم والأجدى بتحويل الرياضة لصناعة حقيقية، بدلاً من التفكير بطريقة مدرس رياضة في مدرسة ابتدائية همه الأول أن يرتاح من إزعاج طلابه. هذا القرار سيوجه مسار وعقلية أصحاب القرار في الرياضة لآفاق أوسع سبقنا إليها الجميع منذ زمن وآن لنا أن نلحق بالسرب وإن أتينا متأخرين.
يجب من الآن السعي الحثيث لإنهاء ملف الخصخصة بلا تأجيل، فقد أثبتت الرئاسة (سابقاً) عدم جدوى كل حلولها للسيطرة على العبث المالي للأندية. ولم يظهر على ساحة الأندية الكبيرة رؤساء أو مجالس إدارة، يبحثون عن مصلحة أنديتهم على المدى الطويل بدلاً من البحث عن إنجازات شخصية ولو على حساب خراب مالطا فيما بعد. ستظل أزمة الديون مستمرة ما دامت تأدية الحقوق لا تأتي على رأس أولويات الأندية ومن يشرف عليها.
ليس من العيب فرض القانون بشدة على أي فريق كائناً من كان.
ليس من العيب أن يتحمّل النادي سوء إدارته ببيع لاعبيه النجوم لسد الضائقة المالية.
ليس من العيب أن يتم منع الأندية من تسجيل لاعبين جدد ما دامت تدين لمن سبقهم لو بريال واحد.
ليس من العيب تهبيط من لا يؤدي حقوق البشر، وجعله يعاني ويلات محاولة العودة لمكانه بين الكبار وإن استغرق ذلك سنين طوال.
ليس من العيب أن نتفاخر بأننا دولة تعشق الرياضة، وتحافظ على عشقها بالقانون وبالضرب بيدٍ من حديد على من يريد أن يحرمنا الاستمتاع بما نعشق.
استبدلوا قوانينكم الرخوة بقوانين تعطي البشر حقوقهم.
استبدلوا عقول الهواية بعقول الاحتراف.
استبدلوا فكرة المحاصصة في البطولات والمشاركات بتقليد المجتهد وحده لا غير وسام التفوق.
استبدلوا مواقع الترفيه الحكومية بكيانات رياضية محترفة فنياً و إدارياً ومالياً في سوقٍ لا ينقصه سوى قرار رجل رشيد شجاع.
فهل أنتم فاعلون بمحض إرادتكم لتشكروا على ذلك؟ أم تُرغموا على تنفيذها بلا فضلٍ ولا منة؟
القرار لكم وحدكم.
خاتمة
واشرب نقيع السم من عاقلٍ
واسكب على الأرض دواء الجهول
(عمر الخيام)