غسان محمد علوان
عبارة انتظرها عشاق الزعيم أربعة مواسم كاملة، وهي في عرفهم أشبه بالأربعة عقود إن لم تزد.
نقطياً، الهلال قادر على تحقيق اللقب. نظرياً، هي خمسة انتصارات فقط لا غير.
لكن العوامل الأخرى التي تتحكم بالنقاط، وتنسف جميع النظريات والتي يأتي على رأسها توفيق الله قادرة على تحويل اللقب للشواطئ الخضراء في الساحل الغربي. عاصفة الإصابات التي عصفت بلاعبي الهلال هي بلا شك قضاء وقدر، ولكن كل شيءٍ بسبب. فإشراك اللاعب من عدمها وإن كان قراراً خاصاً بالمدير الفني للفريق، ولكنه بلا شك قرار مبني على تقارير لياقية وطبية أو حتى إدارية مختلفة من جهات عدة يضعها على الطاولة قبل اتخاذ القرار. قد تكون التقارير خاطئة فينتج عنها قرار خاطئ، وقد تكون التقارير صحيحة ولكن قراءة المدير الفني لها هي الخاطئة. وفي الأخير، ولتعدد الإصابات والإرهاق، يتبيّن للجميع أن هناك خللاً ما أفقد الهلال الكثير من عناصره في وقت الحصاد، وفي المنعطف الأخير من المنافسات.
لتتحقق تلك البطولة المحببة للهلال، يجب أن يعي لاعبوه أولاً وقبل الجميع أنها بين أيديهم بعد توفيق الله. وأن من يستصغر مصيبة خسارة لقب كهذا، هو خائن لكل الأعراف الهلالية ومسيرته البطولية التي لم تضعه زعيماً بلا سبب. وينطبق مفهوم الخيانة (المجازية) على من يبذل 99 % من جهده ومستواه أولاً يستحضر تركيزه كاملاً أو يخلق لنفسه الأعذار لعدم تقديم نفسه كمقاتل حقيقي راغب في تجاوز كل ما يعيقه في طريق تحقيق لقبه.
لتتحقق هذه البطولة يجب أن يعي اليوناني دونيس أن زمن التجارب انتهى، وأن للهلال حقاً في هذه البطولة يجب أن يُنتزع انتزاعاً بلا أحلام غير قابلة للتطبيق أو سيناريوهات خيالية لا تسكن سوى مخيلته.
لتتحقق هذه البطولة يجب أن تمسك إدارته عصا الأمور من المنتصف. فلا صرامة تكسر أحلام الفريق، ولا تساهل يجعل تلك الأحلام تتسرّب من بين أيديها.
لتتحقق هذه البطولة يجب على جماهيره أن تهدأ خارج الملعب قليلاً، وتدع الأمور تُدار داخل البيت الأزرق بسكينة لا يحتاج سواها لتحقيق أحلامهم. ويحب عليهم أن يستبدلوا ذاك الهدوء، بحضور عاصفٍ في المدرجات. فرغبة تحقيق أي لقب تظهر ملامحها في المدرجات قبل الملاعب، فإن خفّ لهيب المدرجات فمن الطبيعي أن تتسرّب البرودة لنفوس مَن هم على أرضية الميدان.
(الدوري للهلال) عبارة لا يفصلنا عن سماعها وترديدها سوى خمسة لقاءات، والكثير من الجهد والبذل وقبل ذلك كله توفيق الله.
فبلا مزايدة أو مبالغة، وبعيداً عن كل العثرات والزفرات الزرقاء الحانقة، ما زال الهلال هو الأجدر بهذا اللقب الذي إن أتى فإنه قد يأتي متأخراً بعد أن كان حسمه منتظراً لقرار (زعيم) لا أكثر.
فهل يرغب الهلال بالبطولة، أم رَغِبَ عنها؟ الإجابة لدى جميع مكوناته، والوقت وحده كفيلٌ بالإجابة.
خاتمة...
ولما رأيت الجهل في الناس فاشياً
تجاهلت حتى قيل أني جاهلٌ
فوا عجبا كم يدعي الفضل ناقصٌ
ووا أسفا كم يُظهر النقص فاضلٌ
(أبو العلاء المعري)