محمد الشهري
الوقوع تحت وطأة الانفعال والعاطفة والتسرّع، كثيراً ما تخرج صاحبها عن جادة المعقول والمطلوب، وقد تدفعه لارتكاب أخطاء غير مبرّرة، بل هو في غنى عنها.
الداعي لما تقدم هو ما لاحظته خلال الأيام القليلة الماضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي من تجاوزات ترقى إلى مستوى الإساءات بحق بعض الرموز الهلالية على إثر ما تعرض له الفريق مؤخراً من انتكاسات كان من نتيجتها التفريط ببطولة الدوري ومن ثم بطولة الكأس في غضون أيام!.
أفهم، وأتفهّم مقدار الأسى الذي انتاب المشجع الهلالي جراء ما حدث، على اعتبار أن الفريق يمتلك من المعطيات والمقومات ما يجعله في حال أفضل مما كان عليه، على رأي المتنبي حين قال:
(.. ولم أرى في عيوب الناس عيباً
كنقص القادرين على التمام)
وعلى اعتبار أن المنافس لم يكن أفضل حالاً منه، اللهم إلاّ في مسألة القدرة على إدارة الأمور والتحسّب والتعامل معها بما تقتضيه وتفترضه، لا بما تظنّه!.
غير أن الذي لم أستطع فهمه، أو تفهمّه، هو خروج البعض من (المنفعلين) عن النسق الهلالي المعروف والمتوارث، ذلك النسق الذي يُحتذي في التعاطي مع من خدموا الكيان طوال مسيرته، سواء بمالهم، أو بجهدهم، بعيداً عن مسألة التوفيق في تحقيق التطلعات من عدمه، فقد يعمل ويجتهد المرء ولكنه لسبب أو لآخر لا يحالفه التوفيق في بلوغ الغاية التي اجتهد وعمل من أجلها، تماماً كما هو حال الناقد الذي قد يجتهد ويعتقد أنه أصاب كبد الحقيقة بينما هو في حقيقة الأمر لم يحالفه التوفيق؟!.
ننتقد الأخطاء ( نعم )، نلوم ونقسو على المقصّر أياً كانت صفته وموقعه ( نعم )، نطرح وجهات نظرنا حيال ما نشاهده ( ألف نعم ).. ولكن دون المساس بالرموز، ودون المساس بالثوابت والنواميس الهلالية التي نشأت وترعرعت عليها أجياله المتعاقبة.
** هلالكم بخير.. فقط دعوكم من تقليد (بني خيبان) في أساليب تعاطيهم الفجّ مع الأمور والأحداث.
هلالكم تأهل (وحيداً) إلى المرحلة الثانية قارياً ليحفظ ماء وجه الكرة السعودية.. وهاهو الأولمبي يحصد ذهب مسابقة كأس الأمير فيصل بن فهد.. وقبله بأيام قلائل كنتم تحتفلون بتحقيق الفريق الناشئ الرائع لبطولة الدوري، وقبلها بأسابيع قلائل أيضاً، احتفلتم ببطولة دوري الكرة الطائرة، لتضاف كل هذه المنجزات المتتالية إلى البطولات الثلاث الكبرى التي تحققت خلال أقلّ من عام، ألا وهي بطولة كأس الملك، كأس السوبر، بطولة سمو ولي العهد.. أي أن أفراحكم لم تنقطع ولم تتوقف، وهذا لا يعني عدم التطلع إلى تحقيق المزيد من المنجزات المتاحة، لأن الزعيم جُبل على هكذا نهج، وهذا قدره، وهذا ديدنه منذ فجره الأول.
من الظواهر الطبيعية
** عندما يحدث القحط، فإن الجدب لابد أن يعتري أديم الأرض، وتزداد وطأة ذلك الجدب وعنفوانه كلما طال أمد القحط.. ومعه تموت معظم، إن لم يكن كل النباتات، النافع منها والضّار، والذي لا ضارّ ولا نافع، وحتى الذي (لا خيره ولا كفاية شرّه)، كذلك تختفي معظم الكائنات الحية الأخرى التي ترتبط حياتها مباشرة بهكذا عوامل مناخية.
** وعندما يأذن (الله سبحانه وتعالى) بهطول الأمطار، وارتواء الأرض، فإنها سرعان ما تعود تلك النباتات والكائنات بكافة خصائصها إلى الظهور مجدداً بكثافة عجيبة، منها على سبيل المثال (الطفيليات) و(الضفادع) و(الطحالب) (فسبحان من هو كل يوم في شأن).
ظاهرة أخرى
** حظي (الزعيم الملكي) من عشاقه في سلطنة عمان باستقبال ودعم جماهيري لا يحظى به إلاّ من هو في مستوى قيمة وقامة (زعيم آسيا وكبيرها)، وهذه من الظواهر الطبيعية بالنظر إلى كينونة وقدر المحتفى به.. وهنا لابد لنا من تبيان أحد أسرار هذه العلاقة الضاربة في أعماق أكثر من نصف قرن من العطاء والحب المتبادل بين الزعيم وعشاقه سواء في الداخل أو الخارج، وهذه نعمة كبرى لا يعي كنهها إلاّ أصحاب العقول الراجحة.
** ذلكم أن المشجع لهذا الفريق أو ذاك من داخل الحدود، إنما لديه العديد من أسباب التعلّق -والحديث هنا عن الارتباطات غير الطبيعية-، كأن يكون سكناه في ذات الحي، أو أن يكون من فئة (مع الخيل يا شقرا) أو أن والده (المتعصب) قد (ورّطه) وفرض عليه هذه العلاقة منذ الصغر، أو كرهاً في فريق آخر بناه على أكاذيب وإشاعات مغرضة هدفها الإضرار والتشويه فقط، وهكذا.
** بعكس المُغرم من خارج الحدود، فهو في حلٍّ من كل تلك العُقد والتعقيدات تماماً، وبالتالي فإن ارتباطه أو تعلّقه، إنما ينطلق من سبب واحد لا أكثر، وهو القناعة المطلقة بجدارة من يهوى باهتمامه وعشقه، وفق معاييره الخاصة المتحررة تماماً من أية قيود.
** تحية للسلطنة، وأهلنا في السلطنة.