محمد الشهري
جاءت قرعة خوض غمار التصفيات الآسيوية النهائية المؤهلة لمونديال روسيا كما لو أنها مفاجئة للكثيرين، إذ وضعت الأخضر في مجموعة تضم إلى جانبه كلا من (أستراليا، اليابان، العراق، الإمارات، تايلند).
ذلك أنه ما إن ظهرت نتائج القرعة، وتم التعرف على أطراف المجموعة، حتى تعالت غالبية الأصوات هنا وهناك، بين يائس ومتشائم ومتذمر ومتفاجئ، وكأننا كنا ننتظر أن تجود علينا القرعة بمقارعة منتخبات من فئة (تيمور الشرقية) مثلاً لكي نعيش حالة من الغبطة والطمأنينة إلى إمكانية تجاوز المرحلة الأصعب في مشوار البحث عن موطئ قدم بالمونديال بين صفوة منتخبات العالم.
قبل أن تُجرى القرعة، وقبل معرفة أطراف مجموعة الأخضر، كتبت في هذه المساحة الأسبوع قبل الماضي تحت عنوان (نعم تأهلنا ولكن) وقلت: إننا انتقلنا من مرحلة التصفيات التمهيدية السهلة، إلى المرحلة الأهم والأصعب، مرحلة شعارها (إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب) ما يعني: أن المنتخبات المتأهلة لهذه المرحلة تختلف شكلاً ومضموناً عن تلك التي تأهلنا على حسابها وهذا هو ناموس التصفيات، وكنا نعلم أنه لا مناص من الاصطدام ببعض تلك المنتخبات القوية خلال هذه المرحلة شئنا أم أبينا، وبالتالي لا مجال للاندهاش أو التذمر.
وغني عن القول إن النظرة الجماهيرية التي أعقبت ظهور القرعة، إنما هي مبنية على الواقع الذي يعيشه أخضرنا حالياً، لا على امتيازات وتفوق المنتخبات الأخرى فقط، وهنا بيت القصيد.
كذلك فإن من نافلة القول: إن المنتخبات الآسيوية التي ضمنت بلوغ المونديال حتى قبل خوض التصفيات بكافة مراحلها عطفاً على ما تمتلكه من مقومات، لم يكن ذلك عن طريق ضربة حظ، أو أن تلك المنتخبات نامت ثم استيقظت لتجد نفسها وقد أضحت على ذلك القدر من المهابة، وفي مقدمة الركب، أبداً.
وإنما لأن (القوس أُعطيت لباريها) قيادياً، فكان من الطبيعي جداً أن تكون المحصلة في مستوى الفكر القيادي والعمل المبذول.
لا جدال في أن بلوغ المقاصد إنما يتطلب ضرورة التمحيص والتدقيق في وضع الرجل المناسب في المنصب المناسب، وليس اعتساف المناصب وتفصيلها على مقاسات من نهوى، أو تحويل المهمات التي لا تقبل ولا تحتمل المجازفات إلى حقول تجارب، وعندما تقع الفأس في الرأس لا نجد أمامنا سوى التحسّر وإقامة المناحات؟!.
لدينا مساحة كافية من الوقت لإعادة النظر وترتيب الأوراق، والعمل على توفير القدر الكافي من الوسائل والأدوات القادرة على استعادة ما فقدناه من وهج، ومن حضور، شريطة الإخلاص في ترتيب الأولويات، وفي تغليب الهم والشأن العام على ما عداهما من شؤون وهموم.
إن ارتفاع معدل (ثرثرة) مرتادي استوديوهات دكاكين الفضاء، ودلق المزيد من الأحبار على بياض الورق، لن يجدي نفعاً، ولن يحل المشكلة، إذ لو كان يجدي لكنا الآن في مقدمة الصفوف قارياً دون منازع؟!.
بمعنى أن مهمة إعادة الأمور إلى نصابها إنما تبدأ باستشعار من يعنيهم الأمر بحقيقة حجم التفريط الذي مارسوه بحق الأخضر على مدى سنوات سواء عن علم أو عن جهل، ومن ثم إفساح المجال لمن هم أقدر على العمل دون ضغوطات، ودون وصايات، ودون حسابات (من كَسّب من).. ذلك أنه إن لم يتحقق هذا الشرط فلن نتذوق عنب المونديال ولا بلح آسيا، والأيام بيننا.
المعنى:
(.. وما نيل المطالب بالتمني
ولكن تؤخذ الدنيا غلابا)