«الجزيرة» - بندر الأيداء:
شدد مختصون على ضرورة تنظيم سوق التجزئة والمتاجر الصغيرة وإحداث تغيرات جذرية تقضي على مظاهر العشوائية في قطاع يُعتبر الرابع بالنسبة لمساهمته في تنمية الاقتصاد الوطني، وقالوا لـ»الجزيرة» إن هذا القطاع بات الأكثر حاجة للتنظيم من بين القطاعات الأخرى نظراً لتعدد أنشطته التجارية، وأشاروا إلى أنه بات مرتعاً للتستر التجاري والعمالة الوافدة.
وأكدوا أن تنظيم القطاع سيخلق مئات الآلاف من فرص العمل للسعوديين، مطالبين بإطلاق شركات مساهمة تصبح كل شركة من بينها مظلة لنشاط محدد من بين تلك الأنشطة.
وقال رجل الأعمال والتاجر عبد اللطيف الراجحي إن القطاع بحاجة إلى هيكلة وتنظيم بعد أن سيطرت عليه العشوائية لحقبة طويلة، ويأتي في مقدمة ذلك تفشي ظاهرة التستر وسيطرة العمالة الوافدة، مشيراً إلى أن القطاع يجب أن يواكب الرؤية الجديدة للمملكة وما تضمنته من تحولات، وطرح الراجحي في حديث لـ»الجزيرة» فكرة إنشاء شركة مساهمة عامة تكون مظلة لجميع متاجر التجزئة الصغيرة من تموينات ومحال تجارية وغيرها كما في تجربة الدول المتقدمة اقتصادياً حيث تكون جميع المتاجر الصغيرة تحت إدارة شركة مساهمة عامة، وبالإمكان تطبيق نفس التجربة على متاجر التجزئة الصغيرة المنتشرة في كافة أنحاء المملكة.
وأضاف: الكثيرون يرون أن التنظيم الحالي للقطاع غير مناسب ويحتاج إلى إعادة نظر، وهي نظرة منطقية ومقنعة لكل متتبع لقطاع التجزئة والمتاجر الصغيرة.. مشيراً إلى أن شركة المساهمة العامة المستهدفة يجب أن تمتلك فيها الحكومة 30 %، والبقية تطرح لصغار المساهمين، فتملُّك السعودي لهذه المحلات سيسهم بشكل ملموس في توسيع نطاق فرص العمل للسعوديين وخفض حجم البطالة بما ينعكس على دخل المواطن والاقتصاد بشكل عام. وأشار الراجحي إلى أن من أهداف الشركة المقترحة عرض فرص تملُّك المتاجر والمحلات للسعوديين، وبالتالي يحصل الشاب أو الشابة مقابل ذلك على دخل جيد ويكون شريكاً في العمل، وبالتالي يحرص على تطويره ولا بد من توفير بيئة ملائمة لجذب الشباب والشابات للعمل والدخول في الإنتاج من خلال هذه المحلات الصغيرة.
ورأى الراجحي أن تنظيم سوق التجزئة يترتب عليه انتهاء حالة التكدس الكبيرة لتلك المحلات في الشوارع، وهذا بدوره ينظم سوق العمل وساعات العمل، وهذا أمر ضروري نظراً للبعد الاجتماعي الذي يترتب عليه فلا يعقل مثلاً أن نرى محلات بيع الأواني تفتح حتى الساعة 11 ليلاً، وخصوصاً أننا الآن نرى العمالة تسيطر على السوق وهم جالسون في المحلات 24 ساعة، ويمكن استقطاب الشباب السعودي لهذا القطاع والعمل في هذه المحلات ذات المردود الجيد.
وأكد الراجحي أن قطاع التجزئة كقطاع رابع في عجلة الاقتصاد الوطني بحاجة إلى قرار جريء وخطة لتحديد سقف زمني لهذا التحول، فنحن بحاجة إلى توطين الوظائف بما يدعم الاقتصاد ففي أوروبا وأمريكا هناك نظام محدد لتنظيم سوق التجزئة فغير متاح - مثلاً - لكل واحد فتح بقالة في أي زمان وأي مكان، وهناك ضوابط تراعي مصلحة سوق العمل وتراعي البيئة والموقع والمكان والزمان، وهذا ما نحتاجه في سوقنا المحلي.
من جهته قال رئيس اللجنة الوطنية التجارية الدكتور سليمان العييري إن ملف تنظيم المتاجر الصغيرة ذو شقين اجتماعي واقتصادي فالخطوة التي اتخذتها وزارة العمل في أسواق الجوالات لا بد أن تتبعها خطوات لاحقة في أسواق الخضار والبقالات وغيرها من المحلات، وهي مجال خصب لوظائف مناسبة للسعوديين داخل الأحياء وبالقرب من مساكنهم، وفي سعودة تلك المتاجر تتحقق الكثيرة من الفوائد كالقضاء على التستر التجاري الذي تمدد في هذا القطاع بشكل مزعج، والسيطرة على منفذ من منافذ العامل الأجنبي إلى المجتمع وهو قربه من الأسر وتمكنه من الوصول إلى التعامل مع أبنائنا ونسائنا من خلال توصيل الطلبات للبيوت وإتاحة الفرصة لعمال البقالات بالتواصل مع الخادمات، والقضاء على ظاهرة بيع الدخان على القاصرين وغيره من المواد الممنوعة منها المفرقعات، وأشار العييري إلى أن هناك تجاوزات أخرى مثل تعمد أصحاب البقالات إلى فصل التيار الكهربائي عن الثلاجات رغم ما فيها من منتجات غذائية كالألبان والدجاج والسلع الأخرى ولفترات تصل إلى10ساعات، وذلك لتوفير فاتورة الكهرباء وهذا من أدلة التستر، إضافة إلى بيعهم منتجات منتهية الصلاحية.
ورأى رئيس اللجنة الوطنية التجارية أن الحل الوحيد هو تنظيم تلك المحلات والتي اتضح للجميع أن أغلب ملاّكها أجانب وكذلك الخياطون للنساء والرجال والمنتشرون بشكل عشوائي وكثيف في كل شارع تقريباً وأبنائنا وبناتنا في حاجة إلى هذه الوظائف، واقترح العييري إنشاء شركات غذائية أو جمعيات للأحياء تطرح أسهمها ومجالس إدارتها على أهل الحي بداية ليكونوا شركاء في النجاح والمراقبة والانتماء، وبالتالي تعود عليهم الأرباح ولا يمنع أن تكون باقي الأسهم بنسبة 49% مثلاً لإحدى الشركات بحيث لا تكون كل الأحياء حكراً على شركة معينة، بل تتكافأ الفرص فمثلاً كل شركة من الشركات الكبرى المعروفة بمنافذها التسويقية الكبرى تكون شريكة في المنافذ الصغرى للاستفادة من خبرتها في السوق وقدرتها المالية وإمكانياتها الفنية وتوجد تجارب كثيرة في دول العالم الأخرى منها ما هو موجود في شرق آسيا ومنتشر على نطاق واسع ويبيع اللوازم الضرورية ومقسم إلى عدة أقسام تحت اسم «711» ويوجد لدينا حالياً فكرة مشابهة مثل محلات ميد، ونفس الفكرة يمكن تنفيذها على محلات المغاسل والحلاقة والسباكة والخضار وغيرها تكون في الأحياء وتعمل على مدار الساعة ويعمل فيها شباب سعوديون وتكون فترة العمل 6 ساعات للفترة الواحدة، وبعد تنظيم هذا القطاع ستصبح تلك المحلات والمتاجر جاذبة للشباب بدلاً من احتكار الأجنبي لها.