مع إصرار كوريا الشمالية على تصعيد سياسة حافة الهاوية النووية، يظهر السؤال: إلى متى يمكن أن يستمر نظام حكم الرئيس الكوري الشمالي كيم يونج أون؟ الزعيم الكوري الشمالي الذي يتراوح بين 32 و35 عاماً، أعدم عدداً من القادة الكوريين الشماليين الذين يعتقد أنهم قد يمثلون تهديداً محتملاً لنظام حكمه منذ تولي السلطة خلفاً لوالده في 2011.
ضمت قائمة القادة الذين أعدمهم كيم يونج أون، زوج عمته يانج سونج تايك وقائدي الجيش هيون يونج شول وراي يونج جيل. وقد يبدو أن الرجل استطاع إحكام قبضته على السلطة، لكن قدرته على استمرار قبضته الحديدية على البلاد تبدو سؤالاً شائكاً.
فقد ظهر مؤخراً العديد من المؤشرات التي تشير إلى تزايد الصعوبات التي تواجه كيم، وأبرز هذه الصعوبات «العقوبات الصارمة غير المسبوقة» التي فرضتها الأمم المتحدة على كوريا الشمالية بعد التجربة النووية الأخيرة التي قامت بها. وهذه العقوبات جعلت من الصعب على كوريا الشمالية أن تتعامل كدولة على الصعيد العالمي. فمن الناحية الافتراضية، تخضع كل البضائع وكل الناس الذين يتحركون من وإلى كوريا الشمالية لتفتيش صارم.
ويتوقع سياسي كوري جنوبي كان قد عمل كمبعوث شخصي للرئيس الكوري الجنوبي الأسبق كيم داي يونج لشؤون كوريا الشمالية في أواخر التسعينيات أن يواجه الزعيم الكوري الشمالي «نهاية مأساوية لحياته» قريباً جداً.
وفي مقابلة معه مؤخراً قال السياسي الكوري الجنوبي مشترطاً عدم الكشف عن هويته إن أيام كيم يونج أون «أصبحت معدودة.. التاريخ يكشف لنا أن نهايات الحكام المستبدين من نوعية كيم تكون دائماً مأساوية. ليس من الصعب تصور كيف ستكون نهاية حياة كيم.. بالنظر إلى عدد الأشخاص الذين قتلهم وبالنظر إلى إلى التغييرات الرأسمالية التي تجتاح البلاد، سيكون من غير الطبيعي تصور أنه سيبقى في السلطة إلى الأبد».
يقول المبعوث الرئاسي السابق إنه كان يؤيد سياسة الرئيس الكوري الجنوبي الليبرالي الراحل المعروفة باسم «الشمس المشرقة» للتقارب مع كوريا الشمالية، لكنه غير رأيه بعد زيارته لبيونج يانج عاصمة الشطر الشمالي من شبه الجزيرة الكورية.
في الوقت نفسه فإن الإعلام الكوري الشمالي ما زال يتحدث عن عظمة الزعيم كيم يونج أون وعن مدى رعايته لشعبه. لكن شهادات الأشخاص الذين تمكنوا من الفرار من كوريا الشمالية مؤخراً تكشف عن جانب آخر للقصة.
بقول هؤلاء الفارون إن الصورة المهيبة التي أحاطت بشخصية كيم تتلاشى بسرعة. الكثيرون من الكوريين الشماليين يخاطرون بحياتهم بمشاهدة المسلسلات والبرامج التلفزيونية الكورية الجنوبية سراً. وليس من الصعب شراء منتجات كورية جنوبية من الأسواق في كوريا الشمالية.
ورغم أن وسائل الإعلام الكورية الشمالية لا تتحدث عن تفاصيل العقوبات الدولية، فإنها ليست سراً بالنسبة للكوريين الشماليين. يقول المنشقون الكوريون الشماليون الذين فروا من البلاد إن أخبار العقوبات الدولية تنتشر بسرعة في الأسواق بمجرد إقرارها من جانب مجلس الأمن الدولي.
وقد أدرك الكثيرون من الكوريين الشماليين أنهم ليسوا «أسعد» شعب على وجه الأرض. فقد أدركوا أن بلادهم معزولة وأن الصورة العظيمة لزعيمهم الحالي وأسلافه كانت مزيفة تماماً.
كما أن ولاء جنود الجيش الكوري الشمالي للزعيم الحالي ليس كما كان في الماضي.
وبحسب المنشقين الكوريين الشماليين، فإن عدد الجنود الكوريين الشماليين الذين يعتقدون أنهم يستطيعون تحقيق الانتصار إذا اشتعلت الحرب مع كوريا الجنوبية أصبح أقل مما كان في الماضي، فهم يعرفون أن أسلحتهم قديمة وأضعف من أن تحقق النصر في القتال.
وفي أحد البرامج التلفزيونية قال أحد المنشقين إن الجنود الكوريين الشماليين يدركون أنهم لا يملكون «الوقود الكافي ولا الطعام الكافي ولا الأسلحة المناسبة للقتال. الولاء أصبح مجرد كلمة جوفاء بالنسبة للكثيرين من الجنود».
والحقيقة أن انشقاق 13 كورياً شمالياً يعملون في أحد المطاعم في الصين أوائل أبريل الماضي يمكن أن يكون نموذجاً جيداً للطريقة التي ينظر بها الشباب الكوري الشمالي إلى زعيمه وإلى نظام الحكم الشيوعي في بلاده.
هذا الانشقاق كان صدمة بالنسبة للشطر الشمالي من شبه الجزيرة الكورية لأن هؤلاء المنشقين من أبناء المسؤولين في الحكومة، واختاروا الانشقاق والفرار إلى كوريا الجنوبية بدلاً من الحياة موالين للعائلة الحاكمة في بلادهم كما يفعل أباؤهم.
بمرور الوقت سيواجه كيم يونج أون تحديات أكبر لحكمه. والتغيرات الرأسمالية ستؤدي بالتأكيد إلى تنامي نزعة المعارضة الداخلية التي قد تنتهي بالإطاحة به.
- نا يونج جو