ميسون أبو بكر
بدأت علاقتي الحميمة جدا بالملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود منذ أكثر من عشرين سنة, مهلا لا تظنوا أن عمري يتعدى الثمانين عاما, فأنا أعترف أنني أحمل نصف هذه السنوات ولا يمكن أن أكون قابلته شخصيا, لكن بدأت معه منذ كنت أدرس ابني الأكبر مادة اللغة الإنجليزية والتاريخ في حائل ضمن المنهج الحكومي, كشاعرة مايس النص المكتوب باللغة الإنجليزية شغاف قلبي, كنت أحمل مشاعر امرأة في مقتبل الحياة والحب لديار نجد, وكانت عالقة بذهني كل تلك القصائد التي ألهمت البشرية منذ مجنون ليلى إلى عنترة والأعشى وغيرهم كثر ممن ترعرعت قصائدهم على ثرى هذه الأرض الطيبة وتناقلتها الأجيال العربية كإرث تاريخي ثم جذوري الشمرية وكل من ارتبطت بهم من أهل هذه الديار.
الرجل الذي وقف على مشارف الرياض ذاهبا للكويت وهو ابن الثامنة عشرة وعد نفسه ليعود فاتحا وموحدا, وقد أخذني المشهد إلى الكويت مسقط رأسي لذاك الشاب الذي عاد منها مؤسسا وموحدا .
ولأن التاريخ يعيد نفسه ويخرج من بطن هذه الأرض فارسا من صلب عبدالعزيز له صيت في العالمين, وله صولات وجولات وشمس تشرق من قلب الجزيرة لتنير في العالم أجمع تعيد إلى الأذهان من لقبه الغرب آنذاك بسمارك العرب, نابليون ثم الملك سليمان الجديد.
نعم هو سلمان بن أبي البلاد الذي لطالما ارتبط بأبيه واقتفى خطوه وعشق التاريخ الذي نهل من دروسه الكثير. والذي تتبعه صغيرا ثم مليكا.
لقد كانت حكاياتي الأولى مع ابن عبدالعزيز في دارة أبيه التي كنت أتوق لمشاهدة مقتنيات الملك المؤسس فيها وقراءة ما يصدر عنها من كتب التاريخ ثم عدد من الحلقات التلفزيونية التي اخترت في مناسبات مختلفة أن أصورها في حضن الدارة لتنقل للمشاهد الكريم نفحات الملك العظيم.
وفي جائزة أمير الرياض والتاريخ الذي هو الآن مليكنا التقيت بمن هم مشتغلون بتاريج البلاد والجزيرة ومن أجابوا على الكثير مما خبأت من أسئلة قبل أعوام كثيرة عن فارس ما غادر الديار إلا ليعود فاتحا منتصرا.
تعود إلى الأذهان اليوم وحفيد عبدالعزيز محمد بن سلمان يحمل لدينا في فكره وورؤيته الجديدة صورة جده البطل, ليحملنا لعهد جديد زاهر يضعنا على خارطة اهتمام العالم ننتشي بكلمة التوحيد وندرك تماما عمق رمز السيف الموشح على الأخضر الذي أعاد للمنطقة كرامتها بفضل الله ثم جنوده على الأرض أبطال الجزيرة, لنقول كلمتنا للعالم التي رددها أمير الدبلوماسية الخالد في قلوبنا وتاريخ بلادنا سعود الفيصل.. أننا لسنا دعاة حرب لكن إن قرعت طبولها فنحن لها.
بالكثير من الفخر شعرت قبل أيام وأنا أجلس مع مجموعة من إخواننا اليمنيين الذين يتغنون بموقف المملكة مع شعبهم وبلادهم, وقد عدت إلى ذلك الرجل الذي وقف على مشارف الرياض يتمتم من وجده ووعده ما كان تعويذة مجد لهذه الديار التي باركها الله ونصر أهلها.
من آخر البحر لعبدالإله المالك:
دثر حروفك ثغرالفجر يبتسم
وانثر قصيدك لا وقر ولا صمم
وقل لمن ذبحوا الأوتار صادحة
لا يعظم السيف ما لم يعظم القلم
مر الخوارج من حولي بما اشتجروا
خرت عزائمهم والخيل والهمم