ميسون أبو بكر
ربما يظن البعض أنني لن أكون عادلة إن قارنت بين الشرق والغرب بعدد من الأمور، وسيظنون أنني أتحدث بشيء من الانحياز أو النفاق أو المجاملة لبلادنا العربية، لكنني وكما عوّدت قرائي سأكون على حياد وسأترك للقارئ الكريم الحكم، فإما يوافقني وإما يخالفني واختلاف الرأي في نهاية المطاف لن يفسد للودّ قضية.
ما سمعته عند مدخل الطائرة من المصطفين خلفي أوقد فكرة هذا المقال، فحين أشار الرجل لصديقه أن تذكرته سياحية بينما يقف هو في صف الدرجة الأولى؛ رد عليه: ما تفرق فخطوطنا الجوية غير منظمة وأتبعها بعدد من الانتقادات، ليعطي نفسه سبباً لمخالفته النظام.
عدم الثقة بمنجزاتنا وقدراتنا وفي جهود القائمين على عدد مِن المرافق والمؤسسات يحدث هوة في ثقتنا بأنفسنا أولاً والآخرين من حولنا، وقد لا تستحق هفوة صغيرة أو موقف أن تتسبب في قناعة خاطئة وعدم ثقة بما يجب أن ننتمي إليه ونشجع على نجاحه، فلا بد أن نكون شركاء في التطوير وتقديم الاقتراحات والملاحظات، فمفهوم الانتماء كبير وعظيم؛ فهو أن نكون جزءاً من الوطن نسهم في بنائه ولا نقبل أن نكون على هامش الحياة فيه، أو مجرد مستهلكين ومتفرجين ومنتقدين.
نسمع الكثير عن الالتزام بالقانون لدى الغرب وأنظمة حقوق الإنسان وشعارات كثيرة ساحرة ومدهشة؛ سرعان ما يتحول ذلك إلى مجرد شعارات تصطدم بعدم فاعليتها عند أول مشكلة قانونية قد تواجهك هناك، فمن واقع التزامهم بالقوانين والأنظمة تتفاجأ بحقوق للمجرم أو المعتدي تضمنه له القوانين وهذا يسبب الإحباط للمجني عليه وقد يجعل المعتدي طليقاً يتمتع بحريته.
الضرائب المفروضة على كل نواحي الحياة، والتي يلتزم بها الفرد دون نقاش وضرائب قد تفرض نتيجة مخالفة ما مهما كانت صغيرة، وقد يلزم الفرد الوقوف بطابور قد يطول لأن البائع يعطي الزبون وقتاً أكثر من كاف والكثير من الأمور التي يتقبلها المجتمع لأنها أنظمة، بينما إن عقدنا المقارنة بين الغرب ونحن لوجدنا أن شعوبنا تتجاوز الأنظمة لأن هناك تساهلاً في تطبيق العقوبات وعدم فرض عقوبات قاسية وضرائب وغيرها وعلى الرغم من ذلك تتذمر ونعترض وننتقد بعنف ونحتج دون الالتفات إلى أننا قد نكون مقصّرين جداً أن نكون شركاء في صناعة النظام وتطبيقه.
بالعودة إلى الرجل الذي تجاوز النظام ووقف في المكان غير المخصص له واعتدي على الآخرين باحتلال مكان وقوفهم والتساوي مع أولئك الذين دفعوا المبالغ الكبيرة ليحظوا ببعض الامتيازات؛ فإنه يجهل العقوبة التي قد تحل به لو كان ارتكبها في إحدى تلك الدول!!
حين ننتقد الآخرين لا بد أن تكون حصوننا منيعة وأسبابنا عادلة وأن لا يكون النقد جائراً وسلبياً وألا ننقص أبداً من قيمة ما نملك أو ما يقدمه الآخرون لنا بينما نحن نتجاوز ونخطئ بحق الآخرين.من الجميل أن نتعرَّف إلى الآخرين وأنماط حياتهم لندرك قيمة النعم التي نمتلكها.
عندما سألت السائق الفرنسي الذي أبدى معرفة بطقوس المسلمين في بلاده والذين يحملون نفس جنسيته والذي تحدث عن داعش أيضاً والإرهاب الذي يقوم به البعض في الغرب، علمت منه أنه وإن صادف بعض أولئك الذين قد يشك بأمرهم فلن يقوم بالتبليغ عنهم لأنه يخاف أن يطاله القانون الذي يحمي حقوقهم.
الحمد لله أن شريعتنا الإسلام وأننا في ديار يحكمها قانون الخالق.