د. خيرية السقاف
المدرسة موئل الأخلاق أولاً.. والتعلّم فيها يأتي عن تأهيل مهارات الفرد، وتمكين قدراته، وتعريفه بمفاتيحها، وبكيفية استعمالها، ومن ثم ليكون في قدرته كيف، ومتى يفتح بها أبواب حياته، فكره، منجزه، وحصْد ثماره..
هذه مسؤولية كبيرة، ولا تخفى على تربوي خطواتها، وآلياتها، وأهدافها، وما يقدّم لها من المحتوى المعرفي، والمسالك التطبيقية، والوسائل المشجعة، والمتابعة التقويمية، ومن ثم التقييمية المحصلة..
كما أن هذه المسؤولية تمتزج فيها المعطيات المباشرة للفرد بغير المباشرة في حزمة من الأخلاق مقصودة في الأهداف، مرسومة في طريقة التدريس، والتعامل مع الدارس داخل المدرسة من المعلم، والإداري، وقائد المدرسة،
من ثم إشاعة هذه المحصلة بين جميع الدارسين ليكون للمدرسة الدور الفعّال في بناء الأساس المكين لأخلاقه بقيمها، وشيمها..
هذا يتطلب أن توضع في نصب عين قادة التعليم، والتوجيه، والإدارة داخل المدرسة أهمية التعليم مع تربية الأخلاق معاً، بممارستها سلوكاً مكوناً لعجينة عقل، وضمير، وحس هذا الدارس..
السؤال: كيف تؤدي هذه المسؤولية مدارس تختصر للدارسين رؤوس أقلام محتوى المقررات في صفحات قليلة تشمل مضمون الكتب المقررة للدراسة، يدرب طلابهم على إجابتها في نهاية الفصل الدراسي، تحصر أسئلة الاختبارات، وإجاباتها في هذه المختصرات،
كأنما تُحشد ذاكرة الدارس بمختصر الخبرة المعرفية كلها عوضاً عن محتوى كتاب المقرر كله..
أوَ ليس في هذا هدف كسب نجاح جميع الدارسين بتفوّق لرفع حصيلة المدرسة من السمعة، ومن ثم الإقبال عليها لنجاح وتفوق العدد الأكبر من طلابها، فزيادة أرباحها..؟!
أوَ ليس في هذا نفيٌ للقيم التعليمية والتربوية «الأخلاقية»، وقتلٌ لأهداف التعليم والتربية..؟
أوَ ليس في هذا تفريط في الأمانة على صعد عديدة يقرها العارفون من التربويين..؟
هذا يحدث في بعض مدارس التعليم الأهلي، وقد حدثتني عنه بعض أمهات عن أبنائهن..
ولعل من يراقب بقوة سير العملية التعليمية داخل مثل هذه المدارس..، ويقف على حقيقة هذه المختصرات من الأسئلة والإجابات المعدة مسبقاً للدارسين في المراحل الانتقالية.
وللوقوف على الحقيقة لا تخفى على الحريص أساليب التحقق منها، ولا سبل الوصول إليها..
فأول مسؤوليات المدارس أن تكون بوتقة للأخلاق، ومن ثم مصنعاً لتصديرها مع الخبرات العلمية، والمعرفية لمجتمع يضع الآن أسس النزاهة نصب أهداف تحوله وتفوقه القادمين إن شاء الله.
ألمح للمسؤولين عن هذا بهذا، ولهم مبادرة التعامل مع حقيقته في بعض مدارس التعليم الأهلي بالتعاون مع أولياء الأمور.
مع التقدير لمؤسسة التعليم الأهلي بكل ما فيها من جهود في مدارس كثيرة يشار إليها بالبنان تعليماً، وتخليقاً، وأسوةً، وتفانياً، وإخلاصا، ونموذجية يتطلع أن تحذو الكثير من مؤسسات التعليم النظامي حذوها.