علي الصراف
الأدلة التي تثبت تورط حزب الله في لبنان بأنشطة جريمة داخل البلاد وخارجها أكثر من كثيرة، وهي من التواتر والقِدم بحيث تبدو وكأنها «سر معلن» على أوسع نطاق.
إلى ذلك، فإن تلك الجرائم مؤصلة تأصيلاً أيديولوجياً متيناً. بمعنى أنها تحظى بقدر كبير من التبرير «العقائدي» الذي يجعل منها أعمالاً «بطولية» في أعين مرتكبيها، أو لنقل نشاطاً من نشاطات «الصمود» و»الممانعة» و»التصدي» و»المقاومة»، إلى درجة تثير شبهات منطقية حيال كل هذه التسميات.
ولكنها مع ذلك، جرائم، وفقاً لكل القوانين والأعراف والبديهيات! وظل حزب الله يرتكبها، مستفيداً من مميزات الوضع الرسمي الذي يحظى به في السلطة وفي كل أركانها ومؤسساتها في لبنان.
مؤخراً، كشفت مجلة «دير شبيغل» الألمانية بأن سلطات الجمارك في مدينة «إيسن» غربي ألمانيا اكتشفت عملية غسل أموال محتملة لصالح منظمة حزب الله اللبناني.
وأوضحت المجلة «أن الأمر يتعلق بمجموعة من اللبنانيين يُعْتَقَد أنها قامت خلال العامين الماضيين في أوروبا بغسل ما لا يقل عن 75 مليون يورو من تجارة مخدرات».
وتابعت المجلة «أن عائدات نشاط هذه المجموعة كان يتم توجيهها إلى عصابة مخدرات من أمريكا الجنوبية، قبل أن تتحول إلى أموال يجري توجيهها إلى حزب الله.»
وهذا يعني أن نشاطات «الصمود والممانعة» لا تقتصر على ارتكاب جرائم وممارسة أعمال محرمة دولياً، ولكنها تمتد لتشمل الارتباط بعصابات الجريمة المنظمة في كل مكان في العالم، أو في الأقل، في كل مكان توجد فيه منظمات جريمة تمارس طريقتها الخاصة في «المقاومة».
السؤال الآن هو: هل هذا حزب سياسي، أم أنه مجرد عصابة؟ وعندما يتصل الأمر بـ»الولي الفقيه» الذي تستمد منه هذه العصابة شرعيتها، أفلا يجب أن يخجل من نفسه؟ ثم، أفلا يجب أن يدرك أن نشاطاً جرمياً من هذا النوع لا يتلاءم، ولا بأي صورة من الصور، مع قيم عمل الدولة، كما أنه لا يتلاءم مع قيم الدين أيضاً؟
السؤال الأهم: إذا كان حزب الله يعتمد في تمويل نفسه على معونة إيران، فلماذا لا تقوم هذه الـ إيران بزيادة ما تنفقه عليه، بدلاً من أن تضطره إلى ارتكاب أعمال سافلة كهذه؟
ثم ماذا تعني بضعة مئات من ملايين الدولارات الإضافية، إذا كانت الأموال التي تنفقها إيران على هذا الحزب أكبر من ذلك؟
الجواب بسيط: إيران الولي الفقيه، قد ترسل أموالاً إلى حزب الله لتغذية نشاطاته، إلا أنها لا تملك ما يكفي من المال لكي تعفي هذه «الحزب» من العمل كعصابة. ولأنها، من ناحية أخرى، تنتظر منه أن يرد إليها عن طريق أعمال الجريمة، ولو بعضاً مما تنفقه عليه.
أبعد من ذلك، فإن أعمال الجريمة، ليست مبررة «شرعاً» من وجهة نظر إيران، فحسب، بل أنها جزء من طبيعة كل تنظيم ترعاه أيضاً.
المعلومات تشير إلى أن عصابات الولي الفقيه في العراق تمكنت من تحويل نحو 300 مليار دولار إلى إيران من إجمالي أعمال النهب والفساد التي قامت بها في العراق.
المشكلة الأهم، هي أن كل هذه الأموال لم تحقق مكسباً لا لـ»المقاومة» ولا لاقتصاد إيران. فالمال الحرام يذهب أسرع مما يأتي! وعصابات الجريمة حتى لو أعطيتها كل مال الدنيا، فإنها تظل تنهب، ليس لأنها لم تعثر على بدائل، بل لأن الجريمة جزء من طبيعتها.