عندما تمتلك الاسترخاء والهدوء ستحصل على لحظات من الصفاء الذهني, ومن ثم ستمتلك مساقط عديدة للضوء على أي فكرة تطرحها, من يروض الظروف من حوله قد يتمكن من الحصول ولو على جزء من هذا الصيد الثمين, هذا بالضبط ما حاولت أن أتمكن منه وأعيشه خلال إجازة الربيع المدرسية الأخيرة التي وعائلتي قررنا قضاءها في الريف النجدي الجميل خصوصاً مع هذه الاجواء الرائعة,وقد كان ضيوف الشرف الأحفاد حفظ الله لكم ولنا فلذات الأكباد.
بضعة أيام جميلة قضيناها تحديداً في بلدة رغبة والتي تقع في الشمال الغربي من مدينة الرياض وتبعد عنها نحو ساعة, ويقابل رغبة من الشرق خشم الحصان أبرز أنوف طويق وأشهرها والذي يطل علي رغبة من علي وكأنه يخاطبها ها أنا صاحبك الامين الذي لن يفارقك ابدا, تتميز رغبةبرياضها المتعددة والتي تزهو بخضرتها وروائحها الزكية في فصل الشتاء والربيع, أهل رغبة لطفاء وكرماء وهناك ستسمع كثيرا كلمة (اقلط وفنجالً زاهب) وهذه سمة اهل الارياف عموماً حيث الفطرة في الملقى والبساطة مع الصدق في التعبير.
خلال تلك الأجازة حاولت جاهدا ( ولم انجح كثيرا ) في الابتعاد عن عالم الأعمال واقتصاديات الوطن وتنميته وخصوصاً في مثل هذا الوقت تحديدا؛ حيث يعيش العالم بأسره قلقاً اقتصادياً وهواجس أمنية, وفي الخليج تحديداً لسنا بعيدين أبداً عن دائرة القلق خاصة مع الانخفاضات الحادة في أسعار النفط الذي يمثل الإنتاج القومي الأساسي له, والذي قدرت عجوزاته بنحو 270 مليار دولار خلال العامين القادمين اذا استمرت الاسعار بالانخفاض, ليس هناك من حل سوى ان نصبح منتجين اكثر منا مستهلكين, منتجين بتنوع شامل وليس حصرا في مجال النفط وحده, وهذا يتطلب وقتا وتخطيطاً وتوعية من خلال إعلام متخصص, مما تمنيته وانا في رغبة بخصوص بعض اعلامنا (الهادف افتراضا) ان ليته غط في سبات عميق؛ لأن واقعه يقول إنه في عمل دؤوب إنما في الاتجاه المعاكس والسلبي.
خلال أيام هذه الإجازة؛ حيث أمضينا النهار في جولات استطلاعية زرنا فيها، وشيقر ومبانيها التراثية، وهذا إنجاز لابد من الاشادة به، وشقرا وسوق حليوه التراثي فكرة رائعة إلا أن متحف شقراء التراثي في سوق حليوه جاهز، ولكن ينقصه الافتتاح ولابد من إجابة من المحافظة أو هيئة السياحة،كذلك زرنا وثادق، والقصب, وعودة سدير التي تميزت بعادة جميلة حيث يتواجد بعض أصحاب المشاريع التراثية أسبوعياً للترحيب بالزوار من باب الكرم والعادات الجميلة تشرفنا بالسلام على العم عبدالعزيز الضويحي وأبنائه واعادنا بحديثه وتمر الجصه الحقيقي الي ايام القري النجدية الجميلة، كذلك زرنا والبرة ، وحريملاء، والقرينة, وصلنا ثرمدا ومرات وعدد من المراكز الاخرى التي لا تبعد كلها اكثر من ساعة عن رغبة.
يجد الزائر لتلك المناطق مشاريع تنموية في بداياتها من جامعات وفروع جامعات وكليات مهنية وكذلك بعض مظاهر للتنمية تقتصر على الانارة والتشكيلات الجمالية في بعض الشوارع والميادين, وحتى هذه المظاهر الاخيرة من انارة وتشجير وميادين لايوجد عدالة في توزيعها بين بعض المحافظات والمراكز التابعة لها.
مما لفت نظري الفوارق الكبيرة في اسعار العقار بين مدينة الرياض وأريافها, قضية يلزمها بحث عن كيفية جعل الريف رافداً قويا في التنمية المستدامة المعتمدة على قوى عاملة وطنية، ومن الممكن أن تكون مساعداً هاماً في حل العديد من المشكلات مثل السكن والزحام واستهلاك البنية التحتية للمدن، وصناعة الهجرة العكسية من المدن إلى الأرياف يلزمها ايجاد بيئة مناسبة في الأرياف تشكل عامل جذب ليس فقط لأهل الريف الاصليين، بل لكل باحث عن عمل وفرصة جيدة في حياة طيبة, أيضا هذا يلزمه بحث آخر في تبيان الميز التنافسية والدور الذي يستطيع أن يلعبه الريف السعودي في رفد الاقتصاد الوطني وحل بعض من مشاكله.
البداية دائما يجب أن تكون من وزارة التخطيط وبالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية وهيئة السياحة ومعهم امارات المناطق, على ان يتبعهم لاحقا هيئة الاستثمار.
مفاتيح النجاح هنا ترتكز على المحافظ ورئيس المركز خاصة وان البدايات لن يكون لها تكاليف تذكر مقارنة بالنتائج المتوقعة والمستويات الايجابية على منحنيات الاقتصاد الوطني والتنمية بشكل عام.
يجب على رئيس كل مركز ومحافظ بأن يرفعا للامارة اهم الميزات التنافسية المتوفرة, وهنا لا بد وأن نسأل أنفسنا: هل كل رؤساء المراكز والمحافظين لديهم خلفية عن التنمية والاقتصاد؟ هل يحملون شهادات أو دورات متخصصة في التنمية الريفية واقتصاد الريف؟ عل البعض منهم كذلك، لكن في حجم ما نتأمله من نتائج فان البعض لا يكفي, آن الاوان للتخلص من مفاهيم عفى عليها الزمن كالتركيز على الإنارة او بعض المرافق التجميلية. وان كانت مطلوبة انما ليست الهدف الأساسي المنتج.
ما اقترحه على امار ة الرياض متمنيا ان نبدا بالعمل على ملف تنمية الريف التابع لها, ولنبدأ بمحافظة او اثنتين فقط والعمل لبناء تجربة ونموذجا يعمم لاحقا, سواء في رفع التنمية والآقتصاد المنتج وكذلك عدالة التوزيع بين المحافظة والمراكز التابعة لها مع جعل الهدف: ريف نجدي نموذجا في الانتاج والتطوير لجميع ارياف الوطن ورفد الاقتصاد الوطني.
- عبد العزيز محمد العجلان