د.عبدالعزيز الجار الله
ذكر ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في إعلانه لتفاصيل رؤية السعودية الجديدة 2030 والتي يتوقع بعد (15) عاما ان تكون هناك تحولات شاملة وجذرية لنمط الاقتصاد والمعيشة في السعودية وهي مرحلة مابعد النفط، وذكر الأمير محمد بن سلمان العوامل الثلاثة التي لم تستثمر كما يجب هي:
عمقنا العربي والإسلامي (الحرمين الشريفين والتاريخ العربي).
قدراتنا الاقتصادية الضخمة.
موقعنا الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط بين القارات الثلاث آسيا إفريقيا أوروبا.
هذه العوامل الثلاثة التي ذكرها ولي ولي العهد هي ضمن مرتكزات حضارية واقتصادية كونت مجتمع السعودية في لبناته الأولى عند التأسيس وساعدت على بناء الدولة.
رؤية المملكة 2030 ليست رؤية اقتصادية مجردة ومنفصلة عن الجانب الحضاري السكاني،كما أنها ليست منعزلة عن النفط أي التوقف التام عن النفط، إذن ليست مبتورة، فالعامل السكاني هو المرجح في نجاح النظريات والتوجهات أو إخفاقها، والنفط مازال يصنع الفارق في اقتصاد الدول لأن كلفة إنتاجه أقل وأرباحه وعوائده عالية وضخمة، فكلنا (نغرف) من حوض واحد هو حوض الخليج العربي والنفط يقع ضمن الطبقات العابرة للحدود، فهناك دول عديدة تشاركنا هذا الحوض النفطي، أيضا مناطق التعدين الصلبة محصورة داخل التراب الوطني ولا تنضب أو تسيح عبر الطبقات العابرة للحدود.
فالخشية والخوف من اكتشاف طاقة بديلة للنفط تقلل من الاعتماد عليه وتقصيه، وبالتالي تشل كل مفاصلنا لذا من الضرورة التعجيل في تنفيذ الرؤية 2030 وفي سباق مع الزمن وتداخل المراحل لبناء جسور ترابط من الداخل المواصلات والمشروعات والمدن الصناعية والاقتصادية ببعضها وربط سواحل الخليج شرق بلادنا بالساحل الغربي، وربط مدن التعدين وسط المملكة بشمالها.
ليس أمامنا سوى (15) سنة لبناء الهياكل الاقتصادية الجديدة لتنفيذ التصور الجديد الذي إذ لم ننفذه سريعا سنخسر المنافسة الدولية والمواكبة، لأن فكرنا الاقتصادي والحضاري الحالي بني على عوائد النفط الجاهزة فتعطلت الصناعات الأخرى، وهذا كان من الأخطاء الكبرى.
لا أحد يشك بأن المملكة بنيت حضاريا -معماريا- مع الخطة الخمسية الثانية التي بدأت في منتصف السبعينيات الميلادية لكنها ما بنيت اقتصاديا، بمعنى لم يتم ربط الموانئ البحرية والجافة بالمدن الصناعية والنفطية والغاز، ومدن مصادر التحلية والكهرباء لم تربط مباشرة بالمدن الأنتاجية، لذا سيكون على الرؤية مسؤولية الربط الاقتصادي.