د. خيرية السقاف
لا أزال أؤمن بأن «الأيام» التي يقرونها لمناسبات محددة التاريخ في كل عام ميلادي لا حاجة منها، في ضوء أن الإنسان مسؤول عن تنفيذ مضامينها في كل أيامه لا في يوم واحد من كل عام،
إلا أن عدم الثقة في هذا الإنسان حيث يكون فوق الأرض، تجعل منها ضرورة لتذكيره، وليس تأسيسا له..
فقبل يومين كان «يوم الأرض» العالمي، وقد احتفى به بالمشاركة فيه مليار شخص حسب ما أفادت النشرات عنه، عوضا عن عشرين مليون كانوا قد شاركوا فيه في العام 1970م،
وهذا يشير إلى وعي البشرية بأهمية «الأرض» من حيث سلامتها، وصحة العيش فيها، وحماية مقدراتها تلك التي أخذت في التلوث، والاضمحلال، والتأثر، والأدلة تتمثل في ارتفاع درجات الحرارة، وتبدلات المناخ، وشح موارد الماء، وتراجع الاقتصاد العالمي، وغيرها، ذلك نتائج بكل ما صنعته الآلة حفرا، وتنقيبا، وتمديدا، وهدما، وتقويضا، وحرقا، ودمجا، واختصارا، وكثافة، وتصنيعا، وأبخرة، وغازات، وما خلفته استخدامات البشر تبريداً، وإنفاقاً، وتسخيناً، وتصنيعاً، هدراً عشوائياً لمقدراتها..!
هنا لن آتي على نبذة عن «يوم الأرض» فهناك مكان للمعلومات الخاصة به، لكنني أسهم برأي عن الإنسان الذي تتفاقم طموحاته، وتتضاعف أطماعه، ويغرق في بحر رغباته اللجي، دونما هوادة،
بينما الشجرة تحتاج لوعيه، وحنوه، بمثل ما يحتاج الفضاء لأنفاس منه نقية لا لوثة فيها لأدخنة، ولا لغازات، ولا لفايروسات، ومايكروبات..
لأن الهواء الطبيعي كفيل برسالة النقاء،
ولأن الثرى بمقدراته موئل الثروات،
ولأن لا من تؤثر أساليب جنيه لها، في بنائه، والتحكم في مكوناتها هدماً، وحفراً، وهدراً، وتجفيفاً، وزحمة، وأثقالاً، وتغييراً إلا الإنسان..! الطامع الجاهل، المدعي العلم وهو لا يملك من سلطانه إلا النزر، والدليل ما تنتجه منجزاته من خراب فوق الأرض لطبيعة الأرض..!
مع أن الأرض هي أم الإنسان، فكيف يعنى الإنسان بأمه التي من جنسه..؟!
رسالة «يوم الأرض» جلية،
فقبل أن يُذاد عنها بالدم، والعرض، يليق به هذا الإنسان في هذا العصر أن يذود عنها بفكره، وسعيه، وسلوكه الاستهلاكي، وممارساته المعيشية الناضحة، المستشرفة، الواعية بما خلفته وستخلفه حركته، وفكره، وصناعته، ورغباته، وطموحاته هذا الإنسان...!!
بوعيه، وبقدرته على أن يشذب سلوكه معها. من أجلها..