د. خيرية السقاف
«الرياض» في اليومين الماضيين احتضنت ثلاث قمم، كلها تصب أهدافها في مجريات الواقع وحساسية المرحلة, واستشراف القادم..
فلا نحسب أن ما يحدث من وقائع في الحقبة الراهنة من تاريخ العالم أن تكالبت الأعاصير بالمنطقة العربية الشرق أوسطية بمثل التي تفعل الآن, وكان ينبغي أن تظهر قوة حازمة, وحاسمة تضع لها خطوط مسراها, وترسم لها مخارج خلاصها..
يتحقق ذلك فيما تقدمه حكومة المملكة من جهود واضحة ومثمرة -إن شاء الله- على مستوى المنطقة التحركات النافذة, والفاعلة, والذكية, وفيها الدليل إذ تغطي مستويات عدة للمحاور القطب التي استدعت هذه التحركات, فجاءت بعزم تدور في أفلاك محاربة الإرهاب, ثم دفع الشكوك أيا كانت عن دول المنطقة بتأكيد استقلالها في الرأي, والقرار الخاص سواء بشؤونها الداخلية, أو بعلاقاتها الخارجية, مما ينفذ إرساء قواعد احترام الكيانات العربية المستقلة لدى العالم.
كل ذلك من جهة, كما عصف بأفكار بنيها, ومسؤوليها من أجل النهضة الداخلية, بوضع لبنات الاعتماد الذاتي لاستقلالها, وباستبدال مراكز القوى الاقتصادية الوطنية, وتنوعها من جهة أخرى, ثم بربط حزام التآخي, والتضافر القومي مع الدول الشقيقة بدءا بدول الخليج, والأردن, والمغرب, ومصر, وعُمان, والعمل على الاستقلال والأمن في اليمن, وسوريا, وغيرها من جهة ثالثة..
هذه الدعامات القوية التي أسست لها قرارات الرياض في فترة متلاحقة, ومتسارعة بُنيت على بعد نظر, واتخاذ سبيل واضح, وجلي, وحازم, وسريع لا يأتيه من بين يديه تراخ, ولا يلحق به تقاعس.. يتحمل فيه كلٌّ مسؤوليته, ولا يتوانى عن دوره.
ينعكس كل هذا في القمم الثلاث, بدءا بلقاء ملك البلاد برئيس أمريكا، وبلقاء قادة دول مجلس التعاون بملك المغرب, ثم بلقاء جمعهم برئيس أمريكا لاستتباب آليات الشراكة الفاعلة أمنيا وعسكريا مقتضى احتياجات المرحلة, وتوطينا لقرارات سابقة تم التفاهم بشأنها. ما ينم عن إرادة الرياض لوضع النقاط على الحروف, وتصفية النسيج من الخيوط الدخيلة, وبث نور المصباح في عروق العلاقات, ليتضح لكل أمة مبتدأها ومنتهاها, على مستويات لا خلط فيها للأوراق, ولا تعمية فيها للأبصار.
نتمنى النجاح لمقاصد هذه القمم, وأن يجمع الله كلمة الأشقاء, وأن يكشف الغمة عن أوطانهم.
وأن يعزز الشراكة بتمكينها من القضاء على الإرهاب, والحد من السلاح, ونشر السلام, وإيقاف قوى الشر بكف تجاوزها عن تماديه. وتعزيز قوتها العسكرية.
التحية للرياض موئل السلام في كل موقف.