د.ثريا العريض
أكتب وفوق رأسي يتكرر هدير الطائرة المروحية. ففي الرياض تعقد سلسلة من اجتماعات القمم المهمة, محورها مستقبل يضمن الأمن الدائم.
في الماضي كانت السفن والبوارج الحربية تطلق مدافعها تحية عند استقبال رؤساء الدول الزائرين. أما الآن فيعلن الزيارة هدير الطائرات والمروحيات.
مرَّ أسبوع حافل حمل من نشاط الدبلوماسية المحلية والإقليمية ودولياً, ما يتطلب تحليله صفحات مطولة لمتابعة التقارير النهائية لكل اجتماع عقد، وكل ضيف حضر وكل كلمة قيلت. نشاط مصيري على كل المستويات نقلته كل وسائل الإعلام القريبة والبعيدة, المرئية والمسموعة والمطبوعة. ومن لم يستطع مواكبة الأحداث وزخمها وتواترها لينشرها بتنافسية مع المصادر الأخرى أعد قراءات تاريخية، وتكهنات مستقبلية عما يتوقع أن الأيام القادمة ستحمله لمنطقتنا المتحركة وانعكاساته على العالم.
وضمن الرؤى المتعددة أستنتج أن المنطقة والعالم انزلقا إلى ما يشبه الدوامة وأجواء عواصف, ليس بقناعة ورغبة من قياداتها أو مواطنيها, وإنما نتيجة تراكم أحداث متوالية على مدى عقود أوصلتنا إلى شفير خطر, بفعل فاعل قاصد مثل إيران والصهيونية, أو غير قاصد من حلفاء المصالح، وقذفت بالبعض إلى الهاوية. مأساة ابتدأت مع الحرب العالمية ما زلنا ندفع ثمنها أجيالاً تتشرد وتتقاتل وتتساءل عن المستقبل؛ لاجئين ومهاجرين مرفوضين أينما ارتحلوا.
وهناك جيل من المضللين من أبنائنا والمرفوضين من أبناء المهاجرين قرروا الارتحال إلى أحضان الإرهاب وبريق تحقق القبول في الدنيا والآخرة عبر وعود وهمية من منظمات الإرهاب وعلى رأسها وأفظعها «داعش».. حيث انقطعت حتى الروابط الأسرية التي عادة تحمي الانتماء في الأوضاع السوية.
هؤلاء الزائرون المهمون من رؤساء الدول وملوكها وشيوخها يجتمعون الآن لتبادل الرؤى, والحديث عن الوقوف معاً لمحاربة الإرهاب بكل منظماته القاتلة. ومكافحة كل ما يسمح بتسربه لعقول وأجساد الشباب.
الحمد لله الآن, العقلاء منا توصلوا إلى رؤية حاسمة: ضرورة إيقاف مسلسل تأجيج الشعوب وسيناريو الإرهاب الدموي وإحراق الأرض ومحو التاريخ والانشغال بالصراعات والحروب المحلية؛ فرأوا ضرورة ردم الفجوات وبناء الجسور والتقارب والتعاون على البناء والدفاع عن سيادية الأوطان كمجموع, لا مراقبتها تتهدم وتغرق الواحد تلو الآخر في طقس الاقتتال بين المواطنين أفراداً وفئات.
ملابس داعش وراياتهم السوداء تذكرني بحكاية القراصنة..
تذكرني بأهزوجة الأطفال الخليجيين في مواسم الحج وهم ينتظرون أوبة الحجاج بالسلامة:
شوفوا شراع أبوي أبيض من القرطاس..
وشوفوا شراع العدوان أسود من الدخان..
الأوطان سفن؟ نعم هي وسيلة إيصال الشباب البرئ إلى المستقبل الآمن المضمون بعيداً عن قراصنة الشر.
تابعت ما نشر رسمياً وإعلامياً عن تفاصيل الاجتماعات في القاعات والكواليس. وأتفق مع الرؤية العاقلة على أنه مصير مشترك وعلينا التحالف ليس فقط لكي لا تغرق أي سفينة, بل لكي لا يغرق الأسطول كله.
وفي كل هذا التوتر أطمئن نفسي: غداً 25 أبريل سنسمع تفاصيل رؤية برنامج التحول يدعم بناء سفينتنا لتبقى لأجيالنا القادمة وسيلة العبور المؤمنة إلى مستقبل مستدام الأمن الاقتصادي والسياسي.
اللهم حقق آمالنا ونحن أمام دوامة المستجدات وأجواء العواصف في الجوار أن تكون سفينتنا الناجية.