د.ثريا العريض
الأيام الماضية شهدت حراكا إيجابيا للمملكة العربية السعودية في كل أطرها لا يمكن أن نراها إلا كربيع سعودي فعليا.
عربيا عايشنا زيارة خادم الحرمين الشريفين لجمهورية مصر العربية واحتفاءهم بالزيارة وتوقيع 17 اتفاقا ثنائيا مهما في المجالات الثقافية والاقتصادية والسياسية.. لعل أهمها إنهاء ترسيم الحدود البحرية بين البلدين الشقيقين، وقرار إنشاء جسر بري يربطهما شمالا عبر جسر يمر بجزيرتي تيران وصنافير السعوديتين.
وإقليميا تابعنا زيارة خادم الحرمين لأنقرة العاصمة التركية. ودوليا مشاركة الوفد السعودي برئاسة خادم الحرمين في مؤتمر القمة الإسلامية في اسطنبول.. الذي تم فيه موافقة وتوقيع الأعضاء على التحالف الدفاعي الإسلامي.
كل منها كان حدثا مهما في ساحة أحداث المنطقة. أما الحدث المهم بصورة مباشرة ملامسا المواطن السعودي داخل الوطن فكان إعلان مجلس الوزراء إصدار قرار تنظيم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحيث ترتبط الهيئة مباشرة برئيس المجلس أي الملك ومنه تصدر التعليمات لها. وفصلت مسؤولياتها في استمرار التواصل مع المواطن باللين واللطف لنصحه إن رأوا منه ما يخل بالمعروف, والتبليغ عنه للجهات الأمنية التي تتولى بقية الإجراءات, إن تطلب الأمر ذلك, فتتم المتابعة والضبط والإيقاف للتحقيق رسميا, حسب الإجراءات الرسمية المتبعة في الأجهزة المعنية وهي الشرطة في حالة إساءة التصرف العام، ومكافحة المخدرات في حالة المتعاطين أو المروجين.
والحقيقة أن هذا التنظيم لا يحقق فقط توضيح صلاحيات الأجهزة ومنسوبيها وإجراءات محاسبة من لا يلتزم بها, بل أيضا حقق ترتيب العلاقات بين أجهزة الدولة والمواطنين, وينهي ضبابية التعامل, وأجواء الشكاوى من سوء التعامل وازدواجية المرجعيات. وبذلك تتحقق الراحة للجميع، حيث يظل لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أهميتها, وفرض الالتزام بها في مجتمع مسلم محافظ، في ذات الوقت الذي يمنع استخدام مظلة الهيئة لمن ليس من منسوبيها ولا يلتزم بتعليماتها, ويستغلها ليمارس إشباع متعة شخصية مرضية في مطاردة المشتبه بهم حسب معاييره الذاتية, ومعاملتهم كمتهمين والإفراط في شدة التعامل معهم معنويا وماديا وبدنيا.
الأحداث الأربعة تناولتها كل وسائل الإعلام القريبة والبعيدة مركزة على نجاحات القيادة الحكيمة في إحداث تحولات جذرية في تفاعلات وعلاقات المملكة بالجوار القريب والإقليمي والدولي. ونال التنظيم الداخلي وردود فعل المواطنين حوله نصيب الأسد من التغطية والإشادة.
المواطن يفرح بكل ما يحقق له الأمن والاحترام كمواطن سعودي في الخارج, وكمواطن في شوارع وطنه وفي داخل حرمة بيته.
المواطن يتطلع بشغف وتفاؤل ليرى ما ستأتي به الأيام المقبلة من خير ومزيد من الترتيب والتنسيق وقرارات وأنظمة وتنظيم مثل حماية الوحدة الوطنية ومنع التحرش ومدونة أحكام القضاء وتقنين مسؤولية المرأة وأوضاعها في المجتمع وحركتها في الحيز العام.
بلا شك ليس كل مواطن يفرح بالتحول وثماره.. فقط المواطن الناضج الواعي يسعد بكل ما يمنع تغول فئة على فئة أو استغلال المنصب والمسؤولية لمكاسب أو متعة مشبوهة تستحق الإيقاف والمحاسبة والعقاب بسلطة قانون مساواة يطلبها ديننا الجميع فيه سواء خارج تفضيلات المستفيدين.
الحمد لله بوادر إثمار برنامج التحول بدأت تظهر حتى قبل أن يعلن بكل تفاصيله رسميا. ربيع السعودية يحقق برؤية قيادية ريادية التحول المرغوب ويقضي على كل مسببات الفوضى والتنافر والصراعات محليا وعربيا وإسلاميا.