الحضارة الإنسانية وتطوير الذات
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين.
في هذا العام لن أتحدث عن طموحات ،بل سأتحدث عن واقع صنعناه جميعا بالجهد المخلص، والبذل السخي والعمل الدؤوب في حركة تطوير لم تهدأ منذ أعوام ،حتى شملت جميع أطراف العملية التربوية في هذا الصرح العلمي العزيز. إن ما يشهده العالم من تفجر معرفي ، وتصاعد في وتيرة النمو، يفرض على مؤسساتنا التربوية ألا تكتفي بدور المتلقي لخبرات الآخرين ، بل عليها أن تسعى لتطوير ذاتها ، ليكون النتاج جيلا مؤهلا لدوره في صنع الحضارة الإنسانية المعاصرة.
لقد شكل برنامج تنمية مهارات التفكير لدى أبنائنا ، وبرنامج تقنية التعليم وصولا إلى المدرسة الإلكترونية في مرحلة لاحقة محور اهتمام الجميع خلال هذا العام ولم يُدخر جهد في سبيل وصول منابع الخبرة الوطنية والإقليمية والعالمية إلى المدرسة و في هذين المجالين تحديدا، فتعززت المسيرة بالدورات التدريبية والندوات والمؤتمرات والزيارات المتبادلة ، واتسعت دائرة بعضها لتشمل مختلف مناطق المملكة والدول الشقيقة والصديقة .
وإني لأسأل الله تعالى أن تكون هذه الجهود المباركة إسهاما من المدارس في إعلاء شأن أعظم نعمة أنعم الله بها على الإنسان في دون سائر مخلوقاته، وهي نعمة العقل .فسعادة البشرية لن تتحقق من غير الاستخدام الأمثل لها. وفقنا الله جميعا لما فيه خير أمتنا والعالم أجمع.
الكتاب السنوي لمدارس الملك فيصل (الواحة 2002)
نصائح تربوية
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الأمين وبعد:
عندما يكون المواطن الصالح هدفه التربية الأسمى فإن ما تبذله المدرسة في سبيل ذلك ليس يسيرا بالطبع. وما مسيره نحو هدف نبيل بأقل نبلا من هذا الهدف. ثم إن المواطنة ليست مقررا يدرسه الطالب ويتقدم به للامتحان، أو شعارا يطلق في المناسبات. إنها سلوك ونموذج حياة، فالتزام الطالب بالحضور إلى مدرسته في الوقت المحدد مواطنة، والالتزام بأنظمة الدولة مواطنة, والدفاع عن مكتسبات الوطن وإنجازاته مواطنة ، والسهر على أمنه روح المواطنة. والمواطنة مطلوبة أيها الأبناء ليست من فئة دون أخرى ، فهي من الطالب في مدرسته، والوالد في أسرته، والعامل في ميدان عمله، والجندي في معسكره ، والموظف في مكتبه...وإنها لشرف يُكد من أجله، وسمو بغير العمل الجاد المخلص لا يُدل عليه.
وتأسيسا للهدف السامي النبيل أخذت المدارس منذ نشأتها بكل ما يسهم في تحقيقه. فكان لها نهجها المتميز ورؤيتها الواضحة للعملية التربوية من جميع جوانبها، مقررات وأنشطة وأساليب تدريس، فجاء كل ذلك منسجما مع فلسفة تربية النشء التي خطها لنا الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز طيب الله ثراه.
وخلال هذا العام الدراسي الذي يرصد هذا الكتاب أحداثه تم التوسيع في البرامج التطويرية التي ميزت مدارس الملك فيصل فاتسعت دائرة تطوير مقرري التربية الإسلامية واللغة العربية لتشمل المرحلة المتوسطة بأكملها، كما أضيفت صفوف جديدة إلى مظلة الصفوف الإلكترونية ليصبح عدد الفصول تسعة. وشمل التطوير قسم اللغة الإنجليزية فترسخت قواعده وأصبح بتوفيق الله معلما بارزا من معالم المدارس، وقد شرع في استقطاب الخبرات العالمية في الندوة الدولية الثانية لتدريس اللغة الإنجليزية، التي عقدت في المدارس هذا العام. وتتطلع المدارس أيضا إلى أن تكون لها مقرراتها الخاصة الإضافية في معظم المواد الدراسية تلبية لحاجة أبنائها وتحقيقا لتطلعات آبائهم الكرام. والأمل كبير في أن يشهد العام القادم تحقيقا لمعظم هذه الطموحات.
فكونوا أيها الأبناء، أنموذج الشاب الذي نتشرف بإهدائه لهذا الوطن العزيز، في عصر يؤطره الولاء الصادق ويغذيه الانتماء الحق للأوطان، ليشكل هذا كله رافدا يرفد مسيرة الإنسانية جمعاء نحو حياة آمنة مستقرة ومزدهرة.. وأسأل الله أن يوفقكم ويسدد مسيرة مدارس الملك فيصل بكم نحو الأفضل.
الكتاب السنوي لمدارس الملك فيصل (الواحة 2005 )
مدارس الملك فيصـل والتطوير التربوي
بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين، وبعد
من أقوال أجدادنا «الأمور بتمامها والأعمال بخواتيمها» وليتهم علموا حينذاك أنهم كانوا بقولهم هذا يؤسسون لعلوم عصرنا في الإدارة والتقويم. فتمام الأمور وخواتيمها تختصر مسيرات قد تمتد أعواما بل قرونا بكل ما بذل فيها من نفس ونفيس. فعلى مدى ستة عشر عاما كانت مدارس الملك فيصل واحدة من المؤسسات التعليمية الرائدة ببرامجها التربوية وأساليبها التعليمية، وقد بدت آثار ذلك واضحة في أبنائها الخريجين الذين دخلوا منذ سنوات سباق نيل شرف خدمة مملكتنا العزيزة في القطاعين العام والخاص.
وإذا كان التطوير التربوي قد شكل سمة عصرية لمدارس الملك فيصل، فلأنه كان نابعا من حاجات المجتمع وتطلعات أولياء الأمور وأبنائهم نحو المستقبل.. ولئن ظلت دائرة هذا التطور ضمن حدود المملكة العربية السعودية وإقليمها المحيط بها لأهداف تتعلق بظروف التأسيس ومقتضيات المرحلة، فإن مدارس الملك فيصل ستدخل. إن شاء الله في العام القادم دائرة العالمية، ولك بانتسابها إلى منظمة البكالوريا الدولية (IBO) تلبية لحاجات فرضتها متطلبات العصر ، الذي نحرص كل الحرص على أن يواكب فيه أبناؤنا علوم العصر ويكونوا مع عالمهم الكبير. نحن نعلم جميعا أن حجم البذل المترتب على هذه الخطوة سيكون أكبر مما كان وأقل مما سيستحق لأبنائنا من نجاحات ..والأمل كبير بأن تفرض المدارس نفسها بدخولها هذه المنظمة سيما وأنها المدرسة الأولى التي ستمثل القطاع التربوي في المملكة العربية السعودية.
وفي هذا المقام لن يفوتني التنويه بالدور الكبير الذي اضطلعت وستضطلع. به مؤسسة الملك فيصل الخيرية باحتضانها المدارس ورعايتها لها منذ نشأتها وما كان لها أن تصل إلى ما وصلت إلية من غير توفيق الله، ثم دعمها غير المحدود، الذي سيتضاعف خلال السنوات القادمة وبشكل غير مسبوق .ويطيب لي هنا أن أشكر أعضاء مجلس إدارة المدارس وهيئة إدارتها وجميع منسوبيها على ما بذلوه من جهد طيب كان له أكبر الأثر في إيصال المدارس إلى مستوى العالمية وفقنا الله جميعا في المرحلة القادمة من مسيرة المدارس التربوية.
الكتاب السنوي لمدارس الملك فيصل (الواحة 2007 )
التعليم ومفهوم المواطنة
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين.
نطوي سنة دراسية أخرى. وينطلق خريجونا إلى عالم جديد ليواجهوا مستقبلاً مثقلاً بالمخاطر الاجتماعية والأخلاقية إضافة إلى ما يحيط به من إحباطات اقتصادية ومعيشية. ولمواجهة هذه التحديات أدركت مدارس الملك فيصل ضرورة تجاوز العملية التربوية لهدفها الأساس من التحصيل العلمي إلى العمل على ترسيخ مفهوم المواطنة الحقة في نفوس طلابها لمساعدتهم على تجاوز هذه الصعاب ولعدم وجود مقررات دراسية لقياس مستوى المواطنة ، فقد عملت المدارس على بث هذا المفهوم بالممارسة اليومية. وهو التمسك بالعقيدة والتحلي بالسلـوك الإنساني والحضاري.وهذه هي المعايير الرئيسة للمواطن الصالح. فالمواطنة الحقة ليست شعاراً يطلق في الهواء وإنما هي أنموذج حياة عملي وأخلاقي وإنساني يجب السعي لتحقيقه على كافة الصعد. وفي مختلف الظروف.
ومن هذا المنطلق سعت المدارس منذ تأسيسها إلى تطبيق روح هذا المفهوم. فكان لها أسلوبها المتميز ورؤيتها السامية للعملية التربوية الشاملة بما ينسجم وفلسفتها في تخريج أجيال طموحة معطاءة لوطن لم يبخل عليها بشيء.
ويسعدني هنا في هذا الموقف . أن أنوه بالتزام المدارس بالارتقاء بخططها الدراسية. وتطبيق البرامج المتميزة ولقد سرني حصول مرحلة الروضة هذا العام على ترخيص البكالوريا الدولية بعد نجاحها في تطبيق شروطها الدقيقة . وهذا بلا شك إنجاز للمدارس وطلابها وإدارييها. ولا يسعني إلا أن أشيد بالجهود التي بذلت في تطبيق برنامج (سكاي ورد) هذا العام. الذي أتاح آلية تفاعل بين المدرسة وأسرة الطالب لتمكينها من متابعة المسار الأكاديمي للطالب وسيرته السلوكية عبر الإنترنت. بإطار من الخصوصية التامة وبطريقة متطورة . ولا شك أن تطبيق المدارس العام القادم إن شاء الله لبرنامج البكالوريا الدولية في المرحلة الثانوية. يعتبر مكسباً كبيراً للطلاب لما يحمله من كمية هائلة من المعلومات العلمية وطبيعة بحث استقصائية واستنتاجية. وأنا على يقين أن العمل مستمر بلا كلل للمحافظة على المكانة الريادية والمرموقة التي تحتلها المدارس في خارطة التعليم على مستوى المملكة إن لم يكن على مستوى المنطقة.
وأخيراً أسأل المولى عز وجل أن يمدنا بعونه وقدرته على مواصلة رسالتنا التربوية بكل أمانة وإخلاص للأخذ بيد أبنائنا نحو الأفضل. وأنا على يقين بأن خريجي هذا العام تم إعدادهم ليكونوا قدوة صالحة في دينهم ودنياهم. ليساهموا في بناء مستقبل مشرق وزاهر لمملكتنا الغالية.
الكتاب السنوي لمدارس الملك فيصل (الواحة2011)