د. صالح بن سعد اللحيدان
سبق القول في أجزاء خلت من هذا المعجم والذي خصصت منه شيئاً ذا بال عن هذه الأمور الثلاثة.
وقد دفعني إلى المزيد من هذا مع ما فيه من الشدة وقسوة البحث واستحضار الحفظ.
دفعني إلى هذا ما خصني به كثيرٌ من العلماء سواءاً بالمملكة أو خارجها من الذين يتابعون هذا المعجم من خلال هذه المجلة الرائدة الثقافية.
ولا شك أن معرفة حقيقة الاسم والكنية واللقب أمرٌ جليل لإرجاع كل شيءٍ ألى أصله وإرجاع كل شيءٍ إلى منتهاه ذلك حتى يصب الماء فالحوض وحتى لا يتسرب الماء من السواقي ذات اليمين وذات الشمال .
وكنت إلى وقت قريب ومن خلال عملي الحالي في الاستشارات القضائية العلياء العالمية أضع اشياء لا بد منها ازاء كل حادث أو قضية او مشكلة.
وحينما اقول هذا فأني أدفع به الى الأخذ به وان لم يقتنع به من يطالعه فليس عليه إلا أن يجرب بواسع من نفس طويل وبواسع من عقل فطين.
وهذه هي سياستي التي غالباً أسير عليها عسى ولعل .
واليكم هذا :
اولاً : ماهي حقيقة المسأله بين يدي ؟
ثانياً : ماهي أصولها وأسبابها ؟
ثالثاً : هل هي خاصةٌ او هي عامة ؟
رابعاً : ماهو طرفها او أطرافها ؟
خامساً : من أي نوع هذه المسأله ؟
سادساً : ما أسباب حدوث هذه ؟
سابعاً : كيفية دراستها ونظرها ؟
ثامناً : ماهي النتيجة حيال هذه المسألة من حيث العموم والخصوص ؟
تاسعاً : ماهي أفضل هذه النتائج ؟
عاشراً : إعاده النظر قرابة ثلاث مرات حتى يتم الاقتناع بها ولو من وجه قريب .
الحادي عشر : فتح الباب للملاحظة عليها.
وهذه الطرق تصلح في حقيقة (فن الممكن ) ويستطيع من يطالع هذا سواء من العلماء او المحققين أو رجال السياسة والادارة ان تخضع للتجربة حيال كل حال تقع أمام النظر للدراسة والاستنتاج.
وأعود الآن الى ذات العنوان، لكن كان لا بد لي أن أذكر ما سلف ولأنه كذلك يدور حول ما أدونه الآن.
وهذه بعض ما نظرته من الأسماء والكنى والألقاب:
اولاً : أبو عروة البصري من الازد عالم اليمن وشيخ الامام عبدالرزاق ولا يكاد يعرف الا بأبي عروة.
وانما أاسمه معمر بن راشد، إمام جليل في السفر لطلب العلم والأسانيد العالية.
ثانياً : الناقد وهذا لا يكاد يذكر الا بهذا اللقب او هذه الصفة فيقال: قال الناقد أو يقال، وذكر الناقد وانما هو عمر بن بكير بن شابور وكنيته التي يكنى بها ابو عثمان.
ثالثاً : الدارمي قد طالعت وطالع غيري من كثير من العلماء في المجال القضائي والعلمي والاستشاري في شؤون سياسة العلم والقضاء طالعنا قول القائل وذهب الدارمي ورواه الدارمي واثبته الدارمي.
والدارمي علمٌ وعالمٌ معروف منذ قرون الى اليوم، وهو صاحب المسند المشهور ويكنى بأبي محمد.
واسمه : عبدالله بن عبدالرحمن الفضل .
رابعاً : أبو عبيد، وهذا لا يكاد كتاب في اللغة او في الادب او في العلم الشرعي يخلو منه لأنه من ذوي النزعة التجديدية.
وإنما هو القاسم بن سلام من أهل بغداد لغوي متمكن وله باع كبير في فقه النصوص.
خامساً : أبو ثور، وأبو ثور هذا يستطيع أي احد أن ينظر او يقرأ مطولات اصول العلم في الفقه والاصول والتفسير فإنه واجد قال أبو ثور وذهب أبو ثور .
فمن يكن أبو ثور هذا ؟
انه ابراهيم بن خالد الكلبي البغدادي له باع جيد في علم الحديث حفظ، وفهما وكذلك علم الفقه وأصوله.
سادساً : شيخ مصر أو شيخ الديار المصرية أو عالم مصر (ابن سعد) .
فإذا قيل هذا فإنه ينصرف الى الامام المحدث الفقيه الليث بن سعد ويكنى بأبي الحارث الفهمي الأصبهاني، حدث عن كثير من التابعين مثل الزهري ويزيد ابن ابي حبيب، وقد لازمه كثيراً وحدث عن عطاء ابن ابي رباح وسعيد ابن ابي سعيد المقبري.
وكان ذا جاه وقوة فالحفظ والفهم ومع ذلك كان ورعاً عفيفاً، لا جاه حسيا ولا معنويا انما هو ذيع الصيت.
سابعاً : ابو عبدالملك المصري، ولا يكاد يعرف الا بهذا وقد يشتبه بالسابق الامام الليث ولكن لا مشابهة إلا من باب من يدخل العلم وتراجم الرجال بشيء من العجلة.
وانما اسمه بكر بن مضر حدث عن محمد بن عجلان وعن جعفر بن ربيعه العالمين المعروفين وقد لازمه كثيراً .
ثامناً : ابو يوسف وهذه الكنية مبثوثة في كتب الاخبار والروايات، ولا سيما في السياسة الاقتصادية والادارية وله شأن جيد في مسائل القضاء .
وهذا الرجل إنما هو القاضي يعقوب بن ابراهيم الانصاري من اهل الكوفة، وقد لازم أبا حنيفة ملازمة طويلة وأخذ عنه الحكمة وطول النفس وجعل العقل خادماً للآثار ، ويطلق عليه القاضي أبو يوسف ويكفي هذا الرجل فخراً انه جدد واضاف .
تاسعاً : أبو معاوية، والذي حدّث عنه الإعلام البخاري ومسلم وسواهما.
واسمه محمد بن خازم من أهل الكوفة له رواية ودراية، وكان كفيف البصر، لكن الله جل وعلا خلف عليه نعمة العقل ونعمة الرأي السديد.
عاشراً : القاضي غالباً إذا قيل هذا الوصف لإ إنه يطلق على الإمام الحسن بن موسى البغدادي تولى القضاء في الموصل، وكان الناس يرحلون إليه من كثير من البلدان، وكان لا يعرف الحسد لأٌقاربه أو زملائه بل كان يفتح المجال لمن كان له باع بالعلم أو القضاء او الحفظ اخذ العلم عن حريز بن عثمان وشعبة بن الحجاج وابن ابي ذئب من اهل المدينة .
ويطلق عليه (الاشيب) ولست اعلم سبباً لهذا إلا أن الذي تبادر الى ذهني هو ان عقله سبق عمره الزمني مع ما امتاز به من الورع والبعد عن التوسع في المال والجاه.
الحادي عشر : وهنا اذكر شيئاً لعله سببٌ في حصول اللبس عند كثير من كبار العلماء واللغويين وعلماء التراجم وهو شدة التشابه بين من سوف أذكرهم إذ قد وقع خلطٌ ذو بال ولافتٌ للنظر .
من أجل ذلك حصل تداخل في الآثار والروايات والأحكام .
وهذا أمرٌ شائنٌ مشين خاصةً لمن ينظر إليهم أنهم يحسم بهم ألا يقع منهم ما وقع .
وهذه هي الأسماء :
اولاً : حجاج بن يوسف ابو محمد الثقفي من أهل بغداد، ويكنى بأبي محمد متمكن من العلم والرأي السديد وله باع في الاراء التي لا يستغنى عنها بحال.
ثانياً : حجاج بن أرطأة، من العلماء الكبار ومن المفتين سمع كثيراً من التابعين من طبقة الشعبي وغيره، وقد نقل عنه العلم سفيان بن الثوري وحماد بن زيد ومحمد بن جعفر الهدلي والامام عبدالرزاق .
ثالثاً : حجاج بن محمد ويكنى بأبي محمد، وهو أحد العلماء الكبار الذين اثبت علماء الجرح انه من العلماء الكبار الذين يرحل اليهم .
رابعاً : حجاج بن منهال، ويكنى بأبي محمد البصري وهو ثقة وثقه كثيرون وأثنى عليه جملةٌ من العلماء.
من هذا الباب، وكما ترى (قارئي العزيز أن مثل هذا يعتبر من الامور التي تدعوك سواء كنت من العلماء او الباحثين او اللغويين او القضاة او من ذوي السياسة التنظيرية) فإن هذا يدعو ولا جرم الى ضبط البحث والنظر عند الاحالة ونقل الآثار او النصوص او الأقوال .
وهذا أمر صحيح أنه شاق لا سيما عند من يتصفون بالعجلة وحب الاستنتاج على حال عجلة لكنه هذا هو العلم الذي يجب أن يثبت ويدون عن طريق طول التأني وسعة البال وشدة النظر وكثرة المراجعة (فإنه لولا المشقة ساد الناس كلهم)
ولا ينفع هنا مجرد الجمع او الصف من هنا او هناك، فإن هذا حصل فإن النتيجة تكون سيئة على المتلقي الذي قد يهتم بالأسماء ولا يهتم بما يطالع من البحث او التحقيق او الكتابة .
من أجل ذلك، فإنني لآمل أن يكون ما أدونه هنا على وجهٍ مقبول من ناصح والرائد لا يكذب أهله.
ولي بإذن الله عودة فكن مترقباً.