8
ونبَغَ من الحضارمِ علماءٌ ومفكِّرون وشعراءٌ وأدباءٌ ودُعاةٌ وأطبّاءٌ ومهندسون قديماً وحديثاً، منهم امرؤ القيسِ بن حُجْرٍالكندي ّأميرُ الشُّعراءِ في الجاهليّةِ ، وصاحبُ المعلّقةِ المشهورة :
قِفا نبْكِ مِنْ ذِكْرَى حبيبٍ ومنْزلِ
بسقْطِ الّلوَى بين الدَّخولِ فحومَلِ
ومنها البيتُ المشهور في وصفِ فرسِهِ:
مُكِرٌّ مُفِرٌّ مُقْبِلٌ مُدْبِرٌ معاً
كجلْمودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السّيلُ مِنْ عَلِ
ومنهم امرؤ القيسِ بن عابسٍ رضيَ الله عنه الشاعرُ الذي قيل فيهِ وعنْهُ : مِن الفَخْر للحضارمِ أنّ منهم امرؤ القيسِ بن حُجْرٍ بنَ الحارث، حتى في الإسلام.
9
و لابن عابس الحارثِ في الجاهليةِ وامْرؤُ القيسِ بنُ عابِسٍ الكنديَّ في الإسلامِ ، ولإبنِ عابسٍ بيتٌ من الشِعْرٍ طارتْ بِه الرُّكْبانُ :
الله أنْجَحُ ما طلبْتَ بِهِ
والبِرُّ خيرَ حقيبةِ الرَّحْلِ
ومنهم الأشْعثُ بن قيسٍ بنُ معْدي كَرِبْ أحدُ الأجوادِ ومِنْ كِبارِ أمراءِ العربِ، وأحدُ الثّلاثةِ الذينَ يُضْربُ بهِم المَثَلُ لنفاسَتِهِمْ فيُقالُ فيهِ : أغْلَى من الأشْعثِ. ومنهم قَيْسَبةُ ابنُ كُلْثومِ السُّكونيّ ، كان له قدْرٌ في الجاهليّةِ، وَفَدَ على النّبيِّ صلّى الله عليهِ وسلّم ، وشَهِدَ فتحَ مِصْرَ، واختطَّلهُ أرْضاً فلما بُنِيَ الجامعُ سَلّم أرْضَهُ فزيدتْ في الجامعِ ، وعندما أرادوا أنْ يُعَوِّضوهُ أبَى أنْ يقْبلَ ، وفي ذلك يقولُ الشاعرُ لابْنِهِ عبد الرحمن : -
10
وأبوكَ سلّمَ دارَهُ وأباحَها
لِجِباهِ قومٍ رُكَّعٍ وسُجودِ
ومنهم العلاءُ بن الحضرميِّ رضيَ الله عنه وابنُ خلْدونَ وعليُّ بن أحمد باكثير ومحمد أحمد باشميل وعبدالله بلخير ومحمد سعيد العامودي والسيّد محسن باروم والشيخ عبدالله با مَخْرمة والسّيّد عمر السقّاف وزيرُ الدّولةِ للشؤونِ الخارجيّةِ في المملكةِ العربيةِ السّعوديةِ وعبدالله سعيد بُقْشان ومحمد أبوبكر باخشب باشا والمعلّم محمد بن لادن وآل بامحسون وآل بن محفوظ وآل بامعوضة وآل باعشن وآل باقادر وآل بقشان وآل باناجة وآل العمودي وآل بلّعْمشْ وآل بابصيل وآل باجنيد وآل باشراحيل وآل باقبص وبافيل وبامقدّم وبادريق وآل بصْفَر وباهبْري وبن زقر وباحمدان وبادحْدحْ وباخَشْوين.
11
والسّادةُ آلُ العطّاسِوآلُ السّقّافِ وآلُ الجِفْريِ وآلُ المحْضارِ وآلُ فدْعقٍ وآلُ البارِوالبارومِ وآلُ جملِ الّليلِ وآلُ الكافِ وآلُ الحِبْشيِّ وآلُمِدْهِرٍ وآلُبافقيهٍ وآلُباعَلَويٍّوآل الصّافي، وغيرُهِمْ وغيرُهِم مما لا تتّسعُ الذّاكرةُ لسردِهِم . ولمْ تزلْ الصِّلاتُ بين الحضارِمِوبين إخْوانِهِم السُّعوديّينَ تزْدادُ قُوّةً ومتانةً أشارَ إليها الأخ الزّميل الدكتور عبدالرحمن الشّبيلي في محاضرتهِ القيّمةِ بعنوان (التّأثيرُ الثّقافيُّ المُتبادَلُ بين حضرموتَ وبلادِ الحَرمين الشّريفينِ بمناسبةِ إعْلانِ مدينةِ تريمٍ عاصمةً للثّقافةِ الإسلاميّةِ فقال : إنّ الثّقافةَ الحضرميّةَ تأثّرتْ بالمُقابلِ بالهِجْراتِ العائدةِ وبخاصةٍ تلك التي دَرَسَتْ في مدارسِ الحِجازِ وجامعاتِهِ -
12
وفي الحرمينِ الشّريفينِ وحِلَقاتِهِ أو بالهجْراتِ الحجازيّةِ التي اتّخذتْ من حضرموتَ مقراً لها، كحالةِ السيّد حسين عبدالله الدّبّاغ الذي أقامَ في المُكلاَّ في منْتصفِ العشريناتِ من القرنِ الميلاديِّ وتزوّجَ من حضرميّةٍ ، وافْتتحَ المدرسةَ السّلفيةَ للبنينِ في المُكلّا ومدرسةً أخرى رائدةً للبناتِ . كما نَشَرَالدكتورعبد الرحمن الشّبيليأيضاً مقالاً في جريدة الشّرقِ الأوسطِ بتاريخ 13 جمادى الأولى 1437عن شخصيةٍ تعليميّةٍ من الحجازِ وهو السيّد طاهر الدبّاغ الذي يُعدُّ من أبْرزِ أعلامِ النّهْضةِ التّعليميةِ السّعوديّةِ وأحَدَ زعاماتِ النُّخَبِ الوطنيّةِ وكان أميناً عاماً للحِزبِ ال وطنيِّ الحجازيِّ في عهدِ الأشْرافِ، وعندما انْضمَّ الحجازُ إلى حُكْمِ المُوحِّدِ رحمه الله آثرَ السيّدُطاهر الدبّاغ الهجرة ، وانضمّ إلى ابنِ أخيهِ حسين الدبّاغ في المكلاّ ليُشاركَ -
13
في التعليمِ هناك ، ثم عادَ إلى المملكةِ العربيةِ السعوديةِ، وولاّهُ الملكُعبدُ العزيز حقيبةَ التّعليمِ قبل إنْشاءِ وزارةِ المعارفْ . ولقد شَرُفْتُ بزيارةِ حضرموت مع زملاءَ وأكاديميّينَ كرامٍ وأكاديميّاتٍ فاضلاتٍ ، بدعْوةٍ كريمةٍ من سعادةِ الوجيهِ المهندسِ عبدالله أحمد سعيد بُقْشان ، ومصاحبةٍ كريمةٍمن الدكتور أبي عبدالله عمر بامحْسون والأسْتاذ عبدالله العمودي وسعُدْتُ بإلقاءِ قصيدتي ( تحيّة حضرموتٍ ) بمَقَرِّ جامعة حضرموت في سيئون في 28 /4 / 1431 فقلتُ :
جئْتُ أشْدو في محْفَلِ التّكريمِ
بينَ صِيدٍ مِنْ خِيلَةٍ وتَريمِ
14
والمُكلاَّ ودَوْعَنٍ وشِبامٍ
ومغاني الإجْلالِ والتّعْظيمِ
اَلتَقي منْكُمُ رجالاً كِراماً
أشْعلوا النُّورَ وسط ليلٍ بهيمِ
جئتُ من نجد للجنوبِ أُغنِّي
ومُشيداً بكُلِّ شَهْمِ كريمِ
من رِجالاتِكُمْ بُناةِ المعالي
ومُقيمي منارةِ التّعْليمِ
كمْ أشادوا في كعْبةِ الله ذِكْراً
يتَهادَى من زمْزمٍ للحطيمِ
ولهمْ في اقْتِصادِنا نفحاتٌ
عَيْنُها مِنْ مزاجَةِ التّسْنيمِ
جِئْتُ يا حضرموتُ مِلْءُ شُعوري
شُكْرُ مَنْ ساهموا بخيرٍ عَميمِ
15
حامِلاً مُصْحَفي وطيبَ بِلادي
وسَلاماً مِنْ كُلِّ قلبٍ حميمِ
في إهابي أريجُ زهْرِ الخُزامَى
وصلاةٌ مِنْ مسْجِدِ التّنْعيمِ
وعلى مِفْرقي إضاءاتُ قومي
مِنْ قُريشٍ وعِنْزَةٍ وتميمِ
جئتُ يا حضرموتُ فيكِ أُغنِّي
سامِرياً منْ سامِريِّ القصيمِ
فاعْذريني إذا تعذّرَ بَوْحي
ما أنا اليومَ محْسنِالبارومِ
وإذا ما أجَدْتُ ترْجيعَ لحْني
فلأنِّي في الشِّحْرِ أوْ في تَريمِ
وعندما عُدْتُ للرياضِ بعد تلك الزّيارةِ الجميلةِ لحضرموت نشرْتُ في جريدةِ الجزيرة الملحقِ الثقافيِّ بتاريخِ 8 / 5 / 1431 مقالاً -
16
ضافياً عن تلك الزّيارة بعنوان : تَريمُ العلمُ والجوامعُ والتُّراثُ عاصمةً للثّقافةِ الإسلاميّةِ، وواليْتُ النّشْرَ في جريدةِ الجزيرةِ الملحقِ الثّقافيِّ بمقالاتٍ بعنْوان رجالٌ من حضرموت بتاريخِ 29 /5 / 1431 وتاريخِ 6 / 6 / 1431وتاريخِ 14 / 6 / 1431وتاريخِ 20 / 6 / 1431وتاريخِ 5 / 7 / 1431 وتاريخِ 12 /7 / 1431 . واسْمحوا لي أنْ أُجَمَّلَ ورقتي هذه بقصيدةِ زميلِ الرّحلةِ وغِرّيدِها الصّديقِ الدكتور إبراهيم عبد الرحمن التُّركي العَمْرو بعنْوان في وادي دَوْعَنْ التي نشَرها في جريدةِ الجزيرةِ المُلْحقِ الثّقافيِّ بتاريخِ 8 /5 / 1431 وقالَ مُنْشِداًومُغَرِّدا : -
17
رِحْلةُ العُمْرِ ساعَةً لِلتَّجَلِّي ونِداءُ الحياةِ مَنْ لي بِخِلِّي ؟ كان قُرْبي فما اسْتطعْتُ نِداهُ كان شَمْسي فما اسْتفأْتُ بظِلِّ غابَ ، والنّاسُ لمْ تَغِبْ يا لِقلْبٍ لا يَرَى في الوُجوهِ روحاً تُصَلِّي هو تَقْوايَ حين يُؤْذَنُ فجْرٌ وهْو نجْوايَ يوم يَهْبِطُ ليْلي هُوَ ذَنْبي لا يغْفِرُ الله ذَنْباً غير أنِّي بحَضْرةِ الله مَنْ لي ؟ جِئْتُ يا صاحِبي لأدْفِنَ شَوْقي في رُباها لعَلَّهُ طيفُ وَصْلِ وبَدا دَوْعَنٌ يُناجي خَيالاً لمْ يَغِبْ ع نْ سَمائِهِ لوْنُ نخْلِي -
18
أيْقَظَتْ ما ظنَنْتُهُ ماتَ منِّي
فإذا بي أراهُ في حُبِّ أهْلي
ياأبا فيْصَلٍ أعَدْتَ نِداءً
وملأتَ الجَمالَ في كلِّ رَحْلي
صِرْتُ أشْتاقُ والحنينُ أنينٌ
بِتُّ أدْري أنَّ الولاءَ بِرَمْلي
ولِرَمْزِ الوفاءِ بعْضُ التّحايا
دُمْتَ محْسونُ يا فيضَ نُبْلِ
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
(1) الحَصَرُ :الحبسُ أو المنعُ من السّفر ، وفي مُحكم التّنْزيلِ : وجعلْنأ جهنّم للكافرين
حصيرا ، أي يُحْبسونَ فيها . لسان العرب مادة حصر .
الجُثوم : جثم الإنسانُ أي لزم مكانه لا يبرحه . لسان العرب مادة جثم .
(2) السير ريتشارد بيرتون : مُسْتكْشِف ومُسْتشْرِق ورحّالة إنجليزي ، وُلِد في مارس
1821 وتوفّيَ في اكتوبر 1890 م .
(3) العلاء بن الحضرمي بن عبدالله بن عبدة ، من سادات الصّحابة ، ولاّه النبي
صلّى الله عليه وسلم البحرين ‘ عُرِف بالشجاعة والإقدام .
الإصابةُ في معرفة الصحابة .
(4) راجع في ذلك كتاب جواهر الأحقافِ للعلامة محمد بن علي بن عوض
باحنّان ، من صفحة 107 110 .
(5) راجع في ذلك محاضرة الزميل الدكتور عبدالرحمن الشبيلي
بعنوان : التأثير الثّقافي بين حضرموت وبلاد الحرمين ، بمناسبة
إعلان مدينة تريم عاصمةً للثقافة الإسلامية .
* محاضرة أُلقيتْ في مُنْتدَى شباب حضرموت بالرّياض مساء الجمعة 16 / 6 / 1437 هجرية الموافق 25 مارس 2016 م .
** **
المحاضر في سطور:
- من مواليد الطائف 1355 ، 1936 .
- عمل في أجهزة الأمن المختلفة.
- عضو مجلس الشورَى 1418 1430 .
- صدر له ديوانا شِعْر :
- رحيل الشّموس 1434 ، 2013
عُكاظيّات 1437 ، 2016 .
** ** **
- عبد القادر بن عبد الحي كمال