سمر المقرن
كنت فخورة وأنا أستمع إلى الإشادات الكبيرة بحق المملكة في خططها العالمية لمكافحة الإرهاب، وخصوصاً (التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب) الذي انطلق بفكرة سعودية. جاء هذا أثناء التجمع الكبير الذي كان في مملكة البحرين يوم الإثنين الفائت في مركز عيسى الثقافي، وبرئاسة الشيخ الدكتور خالد آل خليفة.
على مدى ست ساعات من النقاش الجاد، خرج المشاركون في تحالف عاصفة الفكر بعد نقاش مُركّز على قضايا الساعة، بعدد من التوصيات المهمة ويأتي في مجملها التركيز على المشروع الإيراني التوسعي الذي يعكس الأحلام الإيرانية لفرض الهيمنة على منطقة الخليج العربي، والتأكيد على أنّ هذا المشروع قد خرج من مرحلة التنظير إلى مرحلة التنفيذ.. وأزيد هنا بأنّ كل الدلائل تؤكد بأنّ الأعمال الإرهابية في المنطقة قد خرجت من تحت عمائم ملالي إيران، وها نحن في هذه الأيام نشهد أهم حدث يوضح هذه التدخلات الإجرامية ألا وهو محاكمة خلية التجسس التي استعانت بكل خائن في وطني، لكن يقظة رجال الأمن قد أحبطت هذا المشروع القذر.
ولعلِّي في هذا المقام أسترجع ذلك اللقاء الذي جمعني بوزير الخارجية السابق الأمير سعود الفيصل - رحمه الله - في مكتبه قبل خروجه من الوزارة بأشهر قليلة، وعندما سألته بشكل مباشر: لماذا لا نقوم بدعم المقاومة الإيرانية والمعارضين الإيرانيين لنتمكن من استخدامهم كورقة رابحة في وجه النظام الإيراني؟ أذكر جيدًا إجابته - رحمه الله - عندما قال: نحن لا نتعامل مع أعدائنا بقذارة، نحن نواجه خصمنا ولا نستخدم أي طرق ملتوية ضده! رحمه الله لم يكن مدرسة سياسية فقط، بل هو مدرسة إنسانية وأخلاقية قليل من يتعامل بهذه الأدبيات مع خصومه.
أعود إلى تحالف عاصفة الفكر، وأود التنويه أنّ هذا التحالف كان قد خرج من العاصمة الإماراتية أبو ظبي، بفكرة من مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الأستاذ جمال سند السويدي، وقد أكملت مملكة البحرين هذه الفكرة باستضافتها للمؤتمر الثاني لهذا التجمع، مع إضافة مزيد من الأعضاء لهذا التحالف كنت أنا من بينهم.
لم يكن تركيز النقاش على العدو الإيراني فقط، لأننا عندما نتحدث عن الإرهاب من الصعب أن نتجاوز رأسه ألا وهو (إسرائيل) بالتأكيد كل هذه الأعمال الإرهابية التي تُشعل المنطقة العربية لصالح استقرارها، وما إيران سوى أداة يتم استخدامها في الوقت الحالي، وقد تتبدل الأدوار وتنتهي كغيرها.
أضف إلى ذلك، أنّ «عاصفة الحزم» قد استولت على مساحة كبيرة من النقاش، وقد أجمع المشاركون على سعيها نحو المحافظة على المصالح العربية وإعادة التوازن الأمني القومي العربي، والاستقرار الاستراتيجي في المنطقة، ومواجهة التحديات والمخاطر المحدقة بالدول العربية، والحفاظ على وحدتها الترابية ضد الحركات الانفصالية المدعومة من الدول الراعية للإرهاب.
بالمجمل، فإنّ نظرتي الشخصية لمثل هذا التحالف المدني، يأتي من مسؤولية المثقف العربي تجاه الأوطان وتفاعله مع أحداث المنطقة، وهو دور مُكمل للسياسي، ضمن المسؤولية الوطنية التي هي واجب على كل شخص، وواجب مضاعف على كل مثقف وصاحب كلمة.