خالد بن حمد المالك
هل كان أحدنا يتوقّع صدور ما هو أقل مما أفرزته زيارة الملك سلمان للقاهرة من اتفاقيات، هل كان ما حدث أكبر وأهم مما رسمه كل منا في مخيلته قبل بدء الزيارة، فوجدنا أنفسنا أمام شيء آخر بعد انتهاء الزيارة، وهل كانت هناك مفاجآت في هذه الزيارة لم تدر بخلد أي منا، نسبة لتحليلاتنا وقراءاتنا المسبقة عنها، وما الذي رأيناه وقرأناه بعد ذلك إثر اختتام الزيارة الملكية لجمهورية مصر العربية.
* * *
لكي نكون صادقين وموضوعيين وقريبين من الحقيقة، فإن الإجابة عن كل سؤال، سوف تكون بالنفي، وبأن ما حدث كان أبعد ما يكون عن توقعاتنا، فقد أحاطها الغموض والسرية المطلقة، وجاء الإعلان عنها مفاجأة جميلة لامست رضا الشعبين الشقيقين، وتوافقت مع رغبة البلدين، وجسدت العلاقة المثالية المتوازنة بين الأشقاء، وما زال الحديث عنها وسيظل لفترة طويلة متواصلاً باهتمام كبير رغم مرور أيام على انتهائها.
* * *
ما يعنيه ذلك أننا أمام إرادة قوية لقادة أفذاذ يمتلكون الشجاعة لتفعيل الشراكة بين مصر والمملكة، بمسؤولية، وحسابات صحيحة، ونظرة نحو المستقبل لا تقبل التردد أو الخوف، أو ترك الأمور معلّقة إلى الأبد دون حلول يرضى عنها الجانبان، وإنما الاتفاق على أخذ ما هو لك، وإعطاء ما هو لغيرك، بروح من التسامح والرضا، وبشعور من المسؤولية التي تصون الحقوق ولا تهدرها كما فعل سلمان والسيسي.
* * *
يسجل التاريخ للملك والرئيس هذه الشجاعة في أخذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب، بصرف النظر عن ردود الأفعال الإيجابي والسلبي منها، وما صاحبها من قول ارتقى أو لم يرتق إلى مستوى المسؤولية، فحجم ما تم التوافق عليه من القرارات بمضامينها وتفاصيلها أكبر وأكثر مما يستوعبه البعض، وفي الزيارة من النتائج ما تحتاج إلى مزيد من الوقت، وكثير من العمل لفهمها ومعرفة نتائجها المفيدة للبلدين.
* * *
أكتب عن هذه الزيارة هذه السلسلة من المقالات، كما لم أكتب مثلها عن أي زيارات سابقة للملك سلمان على أهميتها جميعاً، لأن هذه الزيارة لها خصوصية ولها أبعاد غير تلك الخصوصية التي اتسمت بها زيارات خادم الحرمين الشريفين لدول أخرى، ربما هذه قراءاتي لها، أو فهمي لنتائجها، أو لأن مفاجآتها كانت أكبر بكثير مما توقّعه أو لم يتوقّعه أحد منا، ولعلي أوفق في إيضاح الجوانب المضيئة لهذه الزيارة من وجوهها وزواياها المختلفة في الحلقات القادمة، وبما يسمح به الوقت للتحليل والقراءة التي أحاول أن أكون قريباً من هذا الذي حدث، وصولاً إلى معرفة جدواه في خدمة تجذير العلاقات الثنائية بين البلدين.
(يتبع)