محمد بن فهد العمران
لسنوات طويلة جداً، انقسم ملاك الأراضي في المملكة حول موضوع دفع الزكاة على الأراضي البيضاء إلى قسمين: قسم يدفع الزكاة كل عام على أساس أن الأراضي البيضاء المعدة للبيع هي من عروض التجارة مستندين في ذلك على فتاوى من غالبية المشائخ الكرام (من ضمنهم جميع من تولى الإفتاء في المملكة خلال آخر 40 سنة) وقسم آخر لا يدفع الزكاة إلا عند عرض الأراضي البيضاء للبيع فقط (وإن كانت من عروض التجارة لسنوات طويلة) مستندين في ذلك على فتاوى صدرت من عدد من قليل من المشائخ تحت شعار «ضع بينك وبين النار مطوع» !!
بغض النظر عن هذا الانقسام وأسبابه، إلا أن ما نشاهده الآن في جميع مدن المملكة تقريباً هو سباق محموم بين ملاك الأراضي البيضاء على عروض البيع بشكل لم نرى مثيلاً له من قبل لدرجة أننا أصبحنا لا نجد أرضا إلا وعليها لوحة توضح أنها معروضة «للبيع» !!!! وهذا بدوره يشير إلى أننا حتماً سنشاهد إخراج زكاة تاريخية على الأراضي البيضاء وبأرقام كبيرة جداً يصعب تقديرها، وذلك لأن جميع الملاك الآن (سواء كانوا من القسم الأول أم القسم الثاني) سيكونوا مجبرين على إخراج الزكاة الشرعية وليس لديهم عذر بعد ذلك إلا إذا رفضوا إخراج الزكاة مجدداً فهذا شأنهم أمام الله عز وجل.
أيضاً، هذا يشير إلى قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء (كما أمر به مؤخراً خادم الحرمين الشريفين) هو بلا شك قرار سليم يصب في صالح الاقتصاد الوطني ويساهم في إعادة تنظيم النشاط العقاري بشكل فعال، والأهم من كل ذلك أن قرار فرض الرسوم سيساهم في زيادة الوعاء الزكوي الذي ينبغي إخراجه كل عام ليستفيد من ذلك الفقراء والمساكين مباشرة من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية التي ينتظرها تحديات مهمة تتمثل في إدارة تحصيل مبالغ الزكاة ثم صرفها في مصارفها الشرعية بالشكل الصحيح والدقيق بعيداً عن الأخطاء السابقة للمساهمة ولو جزئياً بحل مشكلة الفقر.
في الختام، لا أبالغ بالقول إن إخراج الزكاة التاريخية في هذا الوقت تحديداً لم يكن بحسبان أحد بمن في ذلك مسؤولي وزارة الإسكان ووزارة الشؤون الاجتماعية بدليل أن جميع الدراسات والتصريحات الرسمية وغير الرسمية التي تطرقت لموضوع فرض الرسوم على الأراضي البيضاء وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية لم تذكر صراحة أن من إيجابيات قرار فرض الرسوم هو زيادة مبالغ الزكاة الواجب إخراجها كل عام نتيجة لزيادة المعروض من الأراضي المعدة للبيع، مما يدل على أن الدراسات التي يقوم الاستشاريون (التي تكلف مبالغ طائلة) ثم يراجعها المسؤولون الحكوميون لوقت طويل قد لا تكون دقيقة أحياناً.