عبد الاله بن سعود السعدون
حظيت الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لتركيا بالترحيب والمحبة البالغة والتي لم ترها العاصمة أنقرة من قبل لأي رئيس دولة ضيف على الدولة التركية فقد امتزجت مظاهر الضيافة الشعبية والرسمية مع بعضها بمظاهر ود وأخوة لم تكن مسبوقة أبداً. فالرئيس رجب طيب أردوغان يبادر بأن يكون على رأس مستقبلي أخيه الملك سلمان في مطار -أسان بوغان في أنقرهة- متخطياً البروتوكول الرئاسي التركي الذي يحدد موضع الاستقبال الرسمي في القصر الرئاسي ورافق أردوغان ضيف تركيا الكبير من المطار حتى قصر الضيافة الرئاسي في أنقرة وكانت لفته أخوية غير مسبوقة أيضاً أن يتجول الزعيمان الكبيران في أروقة وأجنحة القصر الرئاسي الحديث والذي يعتبر لوحة معمارية نادرة عن التصميم العمراني العثماني وقد أبدى خادم الحرمين الشريفين إعجابه في التصميم والتنسيق الحديث والذي جمع روعة الفن المعماري الحديث بالمأثور التاريخي القديم وشكل لوحة جميلة بخطوط الماضي وألوان العصر الحديث.
الإعلام التركي المقروء والمرئي رحب بالزيارة المباركة ووصفها بالإستراتيجية للعلاقات المتطورة والقوية بين البلدين الشقيقين المملكة العربية السعودية وتركيا والدعوة المقدمة من الرئيس أردوغان لأخيه الملك سلمان بهذا التوقيت بالذات قبل انعقاد جلسة القمة الثالثة عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي والتي حضر جلساتها سبع وخمسون دولة إسلامية في أسطنبول لها دلالتها وأهمية الملفات المعروضة بين الزعيمين الإسلاميين الكبيرين وكل الأقلام الإعلامية التركية والعربية أجمعت على توفر الأجواء الإيجابية المهيئة لإنجاح جهود الزعيمين للوصول للحلول المباركة والتي تدعو لخير الأمة الإسلامية وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام لمنطقتنا الإقليمية كافة والتأكيد على تحالف الدولتين الكبيرتين المحوريتين والذي يهدف أساساً لتحقيق السلام وينبذ العدوان.
وقد أجرى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان اجتماعاً مغلقاً مع أخيه الرئيس أردوغان تناول العلاقات الثنائية بين البلدين والملف السوري ومكافحة الإرهاب المتطرف في منطقتنا الإقليمية ومن ثم انضمت الوفود الرسمية من كلا البلدين للاجتماعات الرسمية والتي تناولت مجمل الوضع السياسي في الشرق الأوسط والملف الأول إسلامياً قضية السلام في فلسطين السليبة وأمن القدس الشريف من الاعتداءات الإسرائيلية وقضية اللاجئين ومساعدتهم في أيجاد الممرات الآمنة لعودتهم لديارهم وملف الشعب اليمني وجهود السلام المبذولة لتطبيق قرارات مجلس الأمن بحقها إضافة لبحث عدد من الملفات الإقليمية والدولية. وسيعقد في نهاية الاجتماعات الرسمية مؤتمراً صحفياً لوزيري خارجية البلدين الشقيقين.. وشهدت القاعة الرئيسية في القصر الأبيض الرئاسي الجديد استقبالاً خاصاً من نوعه بتقليد الملك سلمان أعلى وسام تركي «وسام الجمهورية»وقد بين الرئيس أردوغان حرصه على العمل سوية مع خادم الحرمين الشريفين مشيداً بدعمه للأمن والاستقرار في المنطقة والوسام الأعلى يقدمه الشعب التركي للمليك سلمان لجهوده في تعزيز العلاقات وروابط التعاون بين البلدين الشقيقين، واصفاً الزيـارة الملكية برسالة قوية معبرة لمدى قوة ومتانة العلاقات بــين البلدين الشقيقين.
وأعـــرب خادم الحرمين الشريفين عن شكره وتقديره على تكريمه بهذا الوسام العالي حيث قال -حفظه الله- (أود أن أعبر عن شكري وتقديري لتقلدي هذا الوسام. الكبير الذي اعتبره ليس تكريماً لي فقط ولكن للمملكة العربية السعودية حكومةً وشعباً وأن هذا التكريم يجسد عمق العلاقة والصداقة بين بلدينا والتي أساسها ديننا الإسلامي الحنيف).
وتطرقت الاجتماعات الرسمية للجانب الاقتصادي وتطويره بين البلدين بتوسعة حجم الاستثمارات المتبادلة فقد صرح نائب رئيس الوزراء التركي السيد محمد شمشك بأن حجم الاستثمارات السعودية في تركيا في هذا العام بلغت أحد عشر مليار دولار موزعة بين الاتصالات والطاقة والعقارات.
وأن هناك. مفاجئات استثمارية كبيرة في مجال المشاريع المشتركة فقد بين المهندس عبدالقادر طوب باشي رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أن الشركات السعودية مدعوة للمشاركة في المشروع الإستراتيجي الكبير بشق قناة جديدة تربط بين البحر الأسود ومرمرة موازية لقناة البوسفور الحالية وبملكية تركية وبتمويل وطني يصل لأكثر من عشر مليار دولار بمرحلته الأولى وسيتم الافتتاح لهذا المشروع الكبير في الذكرى المئوية للجمهورية التركية الحديثة عام 2023م وبها ستصل الاستثمارات السعودية والتي أعلن عنها أثناء الزيارة الملكية المباركة إلى مستوى كبير يعظم من الاستثمارات السعودية التي تشمل التعاون الرسمي واقتصاديات القطاع الخاص السعودي في مجالات الصناعة والتجارة والعقار والبتروكيمياويات والإسكان حيث من المؤمل التوقيع على عقود لبناء أكثر من مليوني وحدة سكنية في المدن السعودية بتنفيذ شركات تركية. وقد أوجد قانون تشجيع الاستثمار تسهيلات كثيرة لجذب الاستثمار الصناعي والسياحي بمنح الأرض مجانًا وتسهيل أخراج الأرباح والإعفاء الضريبي واستخدام الأيدي الفنية العاملة وتهيئة القروض المالية من البنوك التركية بفوائد مخفضة ومن المنتظر الإعلان عن قيام شراكة تركية سعودية في مجال الصناعات العسكرية وإنشاء معارض للإنتاج الصناعي المشترك في المدن الرئيسية في كلا البلدين وسيتم التوقيع على العديد من الاتفاقيات الثنائية في مجالات التعاون الاقتصادي والسياسي والعسكري والثقافي بحضور الزعيمين الكبيرين الملك سلمان والرئيس أردوغان وأن هذه المشاريع الثنائية تأتي نتيجة حية للتطبيق الفعلي لمجلس التعاون السعودي التركي.
والذي سيجعل من العلاقات الاقتصادية بين البلدين في حالة التكامل مع رؤى إستراتيجية متطابقة بين البلدين والذي سينعكس بالخير والسلام على منطقتنا الإقليمية بأسرها.. في محيط التحالف الإسلامي الجديد.