ثامر بن فهد السعيد
تعد صناعة التأمين والاستثمار فيها أحد أهم القطاعات للمستثمرين في الأسواق المالية عالمياً، بل إنه يحتسب ضمن القطاعات المالية، حيث إن المدخلات إلى هذا القطاع هي النقد، والمخرجات هي الخدمات أو غطاء التأمين المقدم للأفراد, والشركات والممتلكات وغير ذلك من خدمات التأمين المقدمة.
رغم ذلك فإن تجربتنا في المملكة في قطاع التأمين لا زالت حديثة، وتواجه تحديات كبيرة ونقصاً في الخبرة, والتشريعات والكوادر في كثير من الأحيان.
تزامن انهيار السوق المالية السعودية في العام 2006 مع نشأة كثير من الشركات الموجودة حالياً والمدرجة في «تداول» بعد أن كان القطاع لا يحتوي إلا على شركة وحيدة، أصبح في السوق المالية اليوم 36 شركة تأمين تتجاوز قيمتها السوقية 36.3 مليار ريال، ورؤوس أموالها تقترب من 13 مليار ريال لكل شركات القطاع.
يعتمد القطاع في هيكل عمله على تأمين الممتلكات, تأمين الأعمال, تأمين الحياة وتأمين الحوادث وبدأت شركات التأمين عالمياً تتنافس لاستحداث أغطية تأمين جديدة تتناسب مع المتطلبات الحديثة للأفراد والأعمال, بينما في المملكة ولحداثة التجربة ما زال القطاع يعتاش على الغطاء التأمين الإلزامي مثل التأمين الصحي، وهو الذي يستحوذ على أكثر من 50% من سوق التأمين في المملكة، ويليه تأمين المركبات بحصة تتقرب من 30%، بينما حظوظ خدمات التأمين الأخرى لا زالت ضعيفة. والمتابع لأرقام التأمين والأقساط المكتتبة يلحظ نمواً كبيراً يشهده القطاع من حيث قيمة الأقساط المكتتبة، فبين العامين 2014 و2015 شهد القطاع نمواً في قيمة الأقساط المكتتبة بنسبة 19% ليتجاوز حجم سوق التأمين 35 مليار ريال.
ورغم ضخامة الإيرادات، وكبر سوق التأمين في المملكة، إلا أن الشركات العاملة في هذا القطاع أظهرت ضعف وتأثر العديد منها بعوامل السوق، ودخلت في خطر الإفلاس، وبدأت تظهر على الشركات بوادر التلاعب في بوليصات التأمين بسبب إلزامية التغطية، وكذلك عدم وعي المستفيدين من الخدمات المقدمة لهم في هذه الأغطية التأمينية.
قد يكون لتعدد جهات الإشراف على القطاع دور في خلق ثغرات تستغل من قبل الشركات ويمكن تبريرها في نطاق المنافسة, ولكون الدولة الآن وفي أغلب تصريحاتها تتجه إلى الخصخصة وعلى وجه الخصوص خصخصة المنشآت الصحية والمستشفيات ما يجعلنا على بعد خطوات من التأمين الصحي لكافة الأفراد والأسر في المملكة، وكذلك التأمين الإلزامي على كافة المقيمين على أرض المملكة، فإن قطاع التأمين يحتاج إلى رقابة نوعية تضمن جودة الخدمات المقدمة وعدم القفز إلى التلاعب بحجة المنافسة، فالأمثلة التي مرت على القطاع متعددة وبالإمكان دراستها كظواهر تجنبنا لـ 14-04-2016 03:14:06 من تكرار المآسي, تعليق الرخص المقدمة إلى الشركات وتكبد الشركات خسائر ضخمة، إضافة إلى السماح للشركات بتعديل أسعارها بشكل كبير يشكل قفزات سعرية كبيرة في بوليصات التأمين كلها ثغرات تمرر الشركات عبرها تلك الأعباء الإضافية غير المحسوبة إلى المستخدم النهائي.
اليوم مع هذا التنامي الكبير لأعداد شركات التأمين وتزايد مقدمي الخدمة بالإضافة إلى النمو الذي يشهده القطاع من حيث الإقبال عليه إلزامياً أو اختيارياً يضعنا أمام حاجة لوضع كافة الجهات التشريعية والرقابية على قطاع التأمين تحت مظلة واحدة، فلماذا لا تستحدث الهيئة السعودية للتأمين لتكون كل أعمدة الرقابة المالية والسوقية ومتابعة الخدمات في القطاع ضمن مظلتها حتى لا نكرر الصقر، فالفجوة بين إيقاف الشركة من مجلس الضمان الصحي وساما كانت كبيرة، وكذلك وقاية التي تجاوز خسائرها 100% من رأس المال واختار مجلس إدارتها الاستقالة بحجة عدم تجاوب ساما.