ثامر بن فهد السعيد
جاء قرار وزارة العمل بالسعودة الكاملة لهذه الخدمات بعد أن قامت مسبقاً بالسعودة الكاملة لقطاعات مماثلة مثل محلات بيع الخضار وزيادة نسبة التوطين في قطاعات أخرى بالإضافة إلى سعودة مهن محددة.
يكمن تحدٍ مهم أمام الوزارة في التأكد من تطبيق القرار من تاريخ نفاذه حتى لا تضيع فرصة الإحلال، خصوصاً أن السيطرة في تقديم هذه الخدمات لفترة طويلة كانت بأيدي العمالة الوافدة جملة وتجزئة، وهذا ما يجعل تحدي الإحلال أكثر صعوبة، كيف لا ونحن في بلاد يتجاوز عدد شرائح الهاتف الجوال فيه 56 مليون شريحة، كيف لمن بقي وقت طويل مسيطراً على هذا السوق الضخم التنازل عنه؟.
جنباً إلى لجنب مع قرار السعودة الكاملة لقطاع الجوال بيعاً وصيانة جاء إعلان بالتنسيق بين هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات والتدريب الفني والمهني للتسجيل في دورات مجانية للراغبين في التأهيل لعملية الإحلال هذه بمشاركة سامسونج، أما المفاجأة فكانت بأن عدد المسجلين في الأيام الأولى من الإعلان عن هذه الدورات تجاوز 33 ألف مواطن ومن المتوقع أن يزداد العدد بنهاية فترة التسجيل وبداية التأهيل.
وإن كان القرار في بدايته ويصعب تقييم نجاحه أو عدمه حتى نعيش التجربة ونلمس خدمات هذا السوق وما ستكون عليه، إلا أن الإقبال من المتدربين يعطي انطباعاً ولو أولياً بصدق الرغبة والبحث عن فرص وظيفية وعملية وكذلك يظهر الجاهزية للعمل وهذا بخلاف ما يُشاع من حين لآخر.
بين عدد المتقدمين للتدريب، وبين ما حصل من انتقاد لهذا القرار كونه سعودة لوظائف بسيطة والأولى أن يتم سعودة وظائف متوسطة وعليا في القطاع الخاص وبكل مكوناته اتسعت دائرة المسئولية حول عدم توفر وظائف ملائمة للشباب والشابات السعوديين، فالتعليم العام والجامعي والتجارة والصناعة والتدريب الفني والمهني والعمل جميعهم ضمن دائرة المسئولية تجاه عدم قدرة الشباب تغطية النسبة الكبرى من الوظائف الوسطى والعليا في القطاع الخاص حيث يتخرج الطلاب دون القدرة على تحديد ميولهم في غالب الحالات، ولعل شاغلي الوظائف التي تخالف شهاداتهم أحد الدلائل على ذلك، ولا الجامعات تسعى لزيادة التخصصات المطلوبة ومقاعدها بحسب حاجة سوق العمل بدراسات تقدمها لها التجارة والصناعة، فهي الجهة الأكثر اطلاعاً على احتياج السوق وفي الأعمال التقنية فمن زمن طويل لم نسمع عن خطوة إيجابية مثل توجه التعليم الفني والمهني لتدريب الشباب لسد ثغرة سوق الجوال.
يجب دراسة الاحتياجات الوظيفية وسوق العمل دراسة شاملة ليتم تعديل المخرجات التعليمية بما يتوافق مع حاجة المملكة وجعل التعليم والمناهج قادرين على قياس رغبة الطالب وميوله العملية، كل هذه العوامل مجتمعة أدت إلى ضعف القدرة في الإحلال الوظيفي بعد أن تزايدت نسبة الشباب بالنسبة للمجتمع السعودي وسيطر على سوق العمل جنسيات متعددة، وما خيبة وزير العمل بحسب تصريحه عند مشاهدته الفرص الضائعة على شباب الوطن إلا دلالة على الحاجة الماسة لتقييم متطلبات سوق العمل وربطها بمخرجات التعليم وإبعاد كل المعوقات، ولنعرف إلى أي حد نحن بعيدون عن الإحلال الوظيفي النافع بإمكان القارئ الكريم الإطلاع على الإحصائيات السنوية للتأمينات لنعرف بعدنا عن نسبة الإحلال المطلوبة.