فهد عبدالله العجلان
ظلت الشعوب العربية عقودا تقتات الشعارات والعنتريات في مواجهة إحباطاتها, وتتطلع إلى المنقذين والملهمين للقصاص ممن امتهنوها, واستمرت هذه الروح الشعبية أرضا خصبة للحلم العربي غرسها وقطفها وللأسف السياسيون الانتهازيون وأصحاب المصالح الضيقة, هذه الروح اليوم باتت مهيأة أكثر من أي وقت مضى للخروج من مأزقها بعد أن جربت كل أنواع الطبابة ولم يتبق في جسد الأمة مكان لنصل أو سيف… كما قال المتنبي: تكسرت النصال على النصال !
زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى مصر قبل أيام كانت رؤية متقدمة للعلاقات العربية العربية وبذور حقيقة لإعادة غرس الحلم العربي الذي جف بسبب الأوهام, فنتائج الزيارة عكست الرؤية السياسية العميقة التي ينتهجها خادم الحرمين الشريفين، نحو تفعيل العمل العربي المشترك والمرتبط بتنمية الإنسان العربي وشراكته للإرادة السياسية, فحجم الإنجاز في هذه الزيارة يفسر حجم التفاعل الشعبي الكبير في البلدين والعالم العربي عموما, فالجسر البري الذي يربط السعودية بمصر يمثل شريان روح اقتصادية دافعة للمزيد من التوسع في التبادل بين البلدين بل وخلق الفرص والفضاءات الاقتصادية المشتركة بين قارتي آسيا وأفريقيا, ولم يكد يلامس أسماع الشعوب العربية خبر الجسر حتى تبعه قرار إنشاء منطقة التجارة الحرة بين المملكة ومصر والتي تمثل أولى نتائج هذا الجسر، واستكمالا للرؤية الإستراتيجية في العلاقة بين البلدين.
الرؤية الإستراتيجية للملك سلمان - يحفظه الله - في العلاقات الإقليمية والدولية ترتكز على المشاريع التنموية الإستراتيجية التي تعزز الشراكة وتوثقها، ويستشعر المواطن في البلدين انعكاساتها الاقتصادية والتنموية عليه بشكل مباشر, وعليه فإن منطقة التجارة الحرة بين السعودية ومصر ستكون بوابة هامة لجذب الاستثمارات ونفاذ الصادرات السعودية إلى العالم وهو ما يتكامل مع رؤية المملكة في تنويع مصادر الدخل والتقليل من الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل, وبالمقابل بالنسبة للجانب المصري وفي أرض سيناء التي يتخطفها الإرهاب وانعدام الفرص لأبنائها ستكون مكانا ملائما لخلق الوظائف وبعث الأمل ومحاصرة الإرهاب بالتنمية, كما أن القطاع الخاص في البلدين ودول الخليج وكل من يتطلع إلى أسواق المنطقة سيجد فيها أرضا خصبة وهو ما ينسجم مع رؤية المملكة والدول العربية عموما في دعم قطاع خاص قوي قادر على المساهمة في دعم التنمية جنبا إلى جنب مع القطاع العام.