محمد بن عيسى الكنعان
مرَّ عام على انطلاق عاصفة الحزم، التي قلعت أطناب إيران من أرض اليمن السعيد، قبل أن يتحول بلد الحكمة إلى قرص في عجلة المشروع الصفوي للهيمنة الكاملة على المنطقة العربية، فأكثر من (80 بالمائة) من أراضي اليمن قد تحرَّرت، وأصبحت بيد الشرعية..
... وتم فك الخناق عن تعز، وغدت الطريق سالكة إلى صنعاء العاصمة، بل خضع الحوثي للأمر الواقع، وصار يطلب التفاوض المباشر، بعد أن كان يمتنع، وحسب موقع (سبق) بقلم المحرر خالد علي؛ نقلاً عن شبكة (بلومبيرغ) الأمريكية أن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد وزير الدفاع ذكر: «أن الأطراف المتنازعة في اليمن قريبة من الوصول إلى اتفاق لحل الأزمة، مشيرًا إلى أن هناك تقدماً في المفاوضات التي يجريها وفد من الحوثيين في الرياض». ووصفت الشبكة المملكة بأنها أصبحت القوة الأكثر تأثيراً في المنطقة.
هذه الحقائق التي صارت واقعاً مشاهداً في اليمن، ستؤدي - بمشيئة الله - في نهاية المطاف إلى ما يُسمى (لحظة الحقيقة) في الواقع السياسي اليمني، وهو الواقع الذي سيواجهه الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح (عفاش)، سيواجهه مجرداً من قوته وحلفائه ونفوذه. بعد أن نهب خيرات اليمن، وخذل الشعب اليمني بسياسته الحمقاء، وغدر أكثر من مرة بالخليجيين، وسلم اليمن لحركة عميلة للإيرانيين، وفوّت كل فرصة تحفظ كرامته.
اليوم؛ بإذنه تعالى ثم بعزم وصدق اليمنيين الشرفاء وحزم التحالف بقيادة المملكة؛ سيواجه عفاش هذه اللحظة التاريخية، فهل سيهرب كما فعل غيره؟ أم سيعلن الخروج من المشهد السياسي ويرضخ للعدالة ومن ثم السجن نظير جرائمه؟ أم سيقاتل حتى لو خسر حلفاءه الحوثيين؟ أم يعتمد على مرتزقة الإرهاب كـ(داعش) و(القاعدة) كما فعل القذافي؟ فينتهي في أحد المجاري (أعزكم الله). أم يبحث عن حلفاء جدد كالروس مثلاً لإنقاذه بصفقة سياسية كما فعل المجرم بشار الأسد بعد أن فشل الإيرانيون في إنقاذه فجاء بروسيا لتقتل شعبه وتُبقي رقبته. كل هذه الأسئلة ستنتهي نحو إجابة واحدة يعلمها الله وحده، وهي تعتمد بشكل كبير على الطريقة السياسية التي سينتهجها علي عبد الله صالح (عفاش) وهو يسير في حقل ألغام الأزمة اليمنية التي كان له الدور الأكبر والمسؤولية العظمى في حدوثها. وإذا كانت الثورة تأكل أبناءها كما يقول المؤرِّخين، فإن الأزمة تبدأ بمن صنعها.
غير أن الطريق الأسلم لعفاش هو أن يرضخ للواقع اليمني بأسرع وقت ممكن، ويقبل بما يتفق عليه اليمنيون، وأن يُدرك نفسه على المستوى الشخصي وليس السياسي، وقبل أن يواجه لحظة الحقيقة الأليمة، فخطاباته الرنّانة والمتناقضة بين أنصاره، وتصاريحه السياسية الفارغة لم تعد تجدِ، فكل أطراف الأزمة اليمنية يُدركون أنه ثعلب يلبس ثياب الواعظين. كما أنه أهدر أكثر من فرصة قدمها له الخليجيون لإنقاذ اليمن من أزمته السياسية، التي عرضته للهيمنة الإيرانية لولا الله ثم القرار التاريخي لخادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز (حفظه الله) بإطلاق عاصفة الحزم التي حاول مواجهتها بدل أن ينضوي تحت حرابها. فهل فات القطار يا عفاش؟