لبنى الخميس
لماذا ارتبط اسم المطربة أحلام بالقوة والسلطة رغم أنها لا تملك حقيبة وزارية ولا تتقلد منصباً أو نصف منصب! ولماذا يتردد صوت العملاقة فيروز في الصباح دون باقي ساعات اليوم؟ ولماذا الإغراء والأنوثة رديفها عالمياً هي الفنانة مارلين مونرو؟ إنها العلامة الذاتية يا سادة، وهي كل ما يخطر في بال الآخرين عنك سواء بالسلب أو الإيجاب ويجعلهم يحبونك أو يثقون بك أو العكس!
في الماضي ارتبط فن التسويق بالشركات والسلع والمنتجات، لكن قبل سنوات قليلة بدأ ينتشر مصطلح «تسويق العلامة الذاتية»، وهو أن تتعامل مع شخصيتك كعلامة تجارية جديدة على وشك الدخول إلى سوق محتدم المنافسة.. لها مزايا تميزها عن أي علامة أخرى، وتجذب الآخرين إما لصداقتك أو توظيفك أو دعوتك لمؤتمرات تضيف أنت لها بحضورك قبل ما تضيف هي لك..
السؤال اليوم ليس هل تؤمن بوجود علامة ذاتية لنفسك أم لا.. لأن هذا الأمر مفروغ منه.. السؤال هل أنت تسوق لنفسك بالشكل الصحيح؟ أو هويتك ما زلت غامضة وغير معروفة لك وللآخرين؟ إذ يؤكد خبراء تسويق مشاهير الفن والسياسة والرياضة أن (معرفة نفسك) هي أول محطات في رحلة التسويق لذاتك. وليام ارودا خبير التسويق الذاتي من نيويورك قسم تلك الاستفهامات الذاتية إلى أقسام رئيسة:
الجزء الشخصي:
ما شغفك بالحياة؟ ما قيمك؟ أين ترى نفسك بعد سنوات؟ ما الشيء الذي يحفزك للبدء بمشروع ما و(الانتهاء منه)؟
الجزء الاجتماعي والمهني:
اسأل أصدقاءك: ما أول ما يخطر في مخيلتكم حين يُذكر اسمي في أحد المجالس؟ وما المميزات والخصال التي تجعل الناس مهتمين بصداقتي؟ وما أكبر إنجازاتك في الحياة؟
الجزء التواصلي:
من من معارفي قادر على مساعدتي للوصول إلى أهدافي؟ وعلى من تحتاج أن تتعرف حتى تصل إليها؟ وكيف تستطيع أن توسع شبكة معارفك لتطوير أعمالك؟
حين تنتهي من الإجابة على هذه الأسئلة وتقترب من اكتشاف شغفك وعمق ذاتك احرص على أن تشرك نفسك مع علامة تجارية أكبر. فحكم الآخرين علينا غالباً ما يتبلور من خلال الأسماء التي نرتبط بها سواء أسماء لأشخاص عملنا معهم، أو جامعات تخرجنا منها، أو حتى ماركة الساعة التي ترتديها والسيارة التي تقودها.
ويكفي أن تلقي نظرة على موقع التواصل المهني «لينكد ان» لترى كيف أصبح الجيل الجديد من الشباب مدركاً لهذه الحقيقة، إذ بات يزين صفحته الشخصية بالعديد من العلامات التجارية المتميزة، كجامعة مرموقة تخرج منها، أو شركة رائدة تدرب فيها، أو صحيفة عريقة نشر بها مقالاته. ولأن الناس غالباً ما تربطك ذهنياً مع الأسماء التي مثلتها لفترة من حياتك، اختر هذه الأسماء بعناية وتأكد أنها تنسجم مع قيمك وخططك على المدى البعيد.
ولعل إحدى أبرز الوصايا الذهبية في عالم تسويق العلامة الذاتية هي الاهتمام المكثف بالتفاصيل. النبذة التعريفية عنك بتويتر، صورتك الشخصية في «الواتس اب» أو «لينكد ان»، نوعية المحتوى التي تنشره في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام هو كتلة موحدة من شخصيتك. فإذاً في صدد محاولة بناء صورة مهنية ناجحة لنفسك كطالب طب - سنة أخيرة - ولم يسبق أن شاركت الآخرين في معلومة أو خبر أو حتى صورة في المجال الطبي وطبيعة المحتوى التي تقدمه في صفحاتك الشخصية معظمه أشعار نبطية وأغان شعبية! فلا تتوقع أن يأخذ الناس شغفك بالطب واهتمامك به على محمل الجد.
أخيراً.. بناء العلامة الذاتية يتطلب وقتاً وصبراً قد يمتد لسنوات.. لكن الأهم أنك تكون حقيقياً بهويتك، صادقاً بشغفك، أصيلاً بطبيعتك وستحصد الثمار. لكن سنوات انتظارك يجب أن لا تتعارض مع التجديد والاطلاع المستمر، فإذا وقفت مكانك وعطّلت عجلة التطوير المعرفي والفكري فهناك من سيحل مكانك لأنه يملك قوة المعرفة وشغف النمو الاطلاع.