فاطمة العتيبي
مثلما لا تملك السعودية التخلي عن دورها الإسلامي والعربي لأنه قدرها العظيم فبين (ضلعانها) بمعنى سلسلة جبالها تخبو هناك جوهرتان ثمينتان هما مكة والمدينة، حيث خير بقاع الأرض، تجعلانها دائما حاملة للأمانة مؤدية للمسؤولية العظيمة، ليس في الحج والعمرة بل وفي كل ما يعتري الإسلام والمسلمين في كل مكان.
فإن مصر أيضاً عظيمة، تنهض من كبوتها مثلما نجا نوح من الطوفان، فإنها تنجو بعظيم إيمانها ويقينها بربها، يستثير اهتمامي هذا الإيمان الفطري الذي تلهج به ألسنة الشعب المصري وتوقن به قلوبهم، ففي كل مرة تخرج مصر بيضاء ناصعة من أزمة حمراء تكاد تذهب ماضيها وحاضرها، لكن مصر تفكر دائما (ببكرا) لذا نجدها تستيقظ دائماً على (بكرا)، على المستقبل الذي تتآزر معه.
لم تبعث مصر بقوات برية ضمن التحالف العسكري لإنقاذ شرعية اليمن، لكنها أرسلت بوارج بحرية وأرسلت آلاف التعهدات والتحذيرات والتأكيدات أن أمن السعودية خط أحمر، وأنها ستحضر قبل أن تدعى للذود عن الأراضي السعودية في حال أي مساس إيراني أو حوثي فيها.
لم تجرم مصر حزب الله لكنها استدعت حماس واشترطت عليها مقاطعة إيران وحزب الله، تعمل مصر وسط مناخات سياسية حرجة، تقدرها جداً السعودية، فمصر تعاني اقتصادياً وهي دولة حدودها محفوفة بالمخاطر فسيناء وقناة السويس ومعبر رفح والحدود مع ليبيا والسودان وحتى الفارين من غزة عبر أنفاق نحو الإسكندرية ومنها لأوروبا، عدا مشكلات الداخل، فلول الإخوان، والمتبتلين في محراب رابعة، والتضخم والبطالة، والفساد المالي والترهل الإداري، كل هذا يجعل من مصر مثقلة بهمومها لكنها مع ذلك كله تضم خير أجناد الأرض لا تتنصل قط عن دورها العروبي العظيم حين لا يكون أمامها من بد من اتخاذه.
هي مصر الولادة، أم الدنيا، تستقبل الثقل العربي والإسلامي بمستقبله الكبير وإرثه التاريخي الباهظ وحاضره المعتمر بالعمل والأمل والأحلام البيضاء وحمائم السلام التي تستحيل إذا لزم الأمر إلى صقور حرة. تستقبل السعودية بسلمانها الحكيم، ملك خير بقاع الأرض. فالمنتظر من هذا اللقاء خير للبلدين في السياسة والاقتصاد، على كافة المستويات.