فهد بن جليد
في الغرب يحثك الطبيب النفساني على ضرورة التواصل بشكل (شخصي ومباشر) مع الناس من حولك، قبل أن تعزلك التقنية، وتصبح عرضة للأمراض والأعراض الإلكترونية القبيحة، والتي ينتج عنها آثار مؤذية بسبب العيش في العالم الافتراضي، والتواصل مع الآخرين من خلال شاشة الهاتف الذكي أو الكمبيوتر، وهو ما بات منتشراً في معظم الثقافات العالمية.
نحن العرب خسرنا أكثر من غيرنا بسبب (التقنية البكماء)، ساد الصمت في المجالس، والبيوت، وفي غرف النوم ، بل وحتى في الاستراحات وبين الأصدقاء (قلّ الكلام)، واكتشفنا أساليب جديدة (للحش الإلكتروني)، فلربما كان المتحاوران عبر شبكات التواصل في المجلس الواحد، يتحدثان عن شخص ثالث يجلس بينهما، ولكن الهدوء، وسرقة بعض (نظرات العيون) السريعة، وصوت الأزرار هي (لغة الحوار) الجديدة التي يجيدها (العرب)، حتى إن (فروسيتهم ومواقفهم الرجولية) تظهر في التقنية بجلاء، بينما تغيب في الواقع مع الأسف!
يقول الشاعر السعودي ابن حمري عن وصايا والده له: (قال العرب كلامها مجاني، وأفعالها بالفلس والربية) إلا أن الحقيقة الجديدة أن كلام العرب اليوم لم يعد مجانياً، بل بات هو الآخر (بمقابل مادي) بسبب الصمت الكاذب (للتقنية الإلكترونية)!
الباحث الألماني (هارتموت) نشر هذا الأسبوع دراسة وكتاباً، أكد فيهما بأن هناك مشكلة بين الإنسان الغربي والعالم من حوله، فالفجوة زادت بين الناس، وحالة من الشعور بالعزلة سادت أكثر من ذي قبل، بل إن هناك من يؤدي عمله اليومي من خلال (التقنية) دون الحاجة للتعامل المباشر مع البشر الآخرين طوال اليوم، وهذا الأمر مُخيف جداً حتى في حياة المراهقين العاطفية في الغرب، والتي تتحكم فيها التقنية بشكل كبير!
إذا أردت أن تخسر مُجتمعاً، أغرقه في التقنية.
وعلى دروب الخير نلتقي.